الأربعاء، 29 فبراير 2012

موسوعة الفقه - باب الصلاة : صلاة الجماعة


صلاة الجماعة

صلاة الجماعة سنة مؤكدة ورد في فضلها أحاديث كثيرة نذكر بعضها فيما يلي:

1- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» متفق عليه.
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وسوقه خمسا وعشرين ضعفا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت لها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه ما لم يحدث: اللهم صل عليه اللهم ارحمه. ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة» متفق عليه وهذا لفظ البخاري.
3- وعنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه فقال له: «هل تسمع النداء في الصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» رواه مسلم.
4- وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالفه إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم» متفق عليه.
5- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف». رواه مسلم.
وفي رواية له قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى: الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه.

6- وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية» رواه أبو داود بإسناد حسن.

.1- حضور النساء الجماعة في المساجد:
وفضل صلاتهن في بيوتهن:
يجوز للنساء الخروج إلى المساجد وشهود الجماعة بشرط أن يتجنبن ما يثير الشهوة ويدعو إلى الفتنة من الزينة والطيب، فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلى المساجد، وبيوتهن خير لهن».
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تفلات» رواهما أحمد وأبو داود.
وعنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الاخرة.» رواه مسلم وأبو داود والنسائي بإسناد حسن.
والافضل لهن الصلاة في بيوتهن، لما رواه أحمد والطبراني عن أم حميد الساعدية أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك. فقال صلى الله عليه وسلم: «قد علمت، وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجد الجماعة».
.2- استحباب الصلاة في المسجد الأبعد والكثير الجمع:
يستحب الصلاة في المسجد الابعد الذي يجتمع فيه العدد الكثير، لما رواه مسلم عن أبي موسى قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم إليها ممشى».
ولما رواه عن جابر قال: خلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد»؟! قالوا: نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك.
فقال: «يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم».
ولما رواه الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة المتقدم.
وعن أبي بن كعب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان وصححه ابن السكن والعقيلي والحاكم.

.3- استحباب السعي الى المسجد بالسكينة:
يندب المشي إلى المسجد مع السكينة والوقار.
ويكره الاسراع والسعي، لأن الإنسان في حكم المصلي من حين خروجه إلى الصلاة، فعن أبي قتادة قال: بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ سمع جلبة رجال، فلما صلى قال: «ما شأنكم»؟ قالوا استعجلنا إلى الصلاة قال: «فلا تفعلوا..إذا أتيتم الصلاة فعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» رواه الشيخان.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» رواه الجماعة إلا الترمذي.

.4- استحباب تخفيف الإمام:
يندب للامام أن يخفف الصلاة بالمأمومين، لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير فإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء» رواه الجماعة.
ورووا عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني لادخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه».
وروى الشيخان عنه قال ما صليت خلف إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عمر بن عبد البر، التخفيف لكل إمام أمر مجمع عليه مندوب عند العلماء إليه إلا أن ذلك إنما هو أقل الكمال وأما الحذف والنقصان فلا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن نقر الغراب.
ورأى رجلا يصلي فلم يتم ركوعه فقال له: «ارجع فصل فإنك لم تصل» وقال: «لا ينظر الله إلى من لا يقيم صلبه في ركوعه وسجوده» ثم قال: لا أعلم خلافا بين أهل العلم في استحباب التخفيف لكن من أم قوما على ما شرطنا من الاتمام.
فقد روى عمر أنه قال: لا تبغضوا الله إلى عباده. يطول أحدكم في صلاته حتى يشق على من خلفه.

.5- إطالة الإمام الركعة الأولى:
وانتظار من أحس به داخلا ليدرك الجماعة:
يشرع للامام أن يطول الركعة الأولى انتظارا للداخل ليدرك فضيلة الجماعة كما يستحب له انتظار من أحس به داخلا وهو راكع، أو أثناء القعود الاخير.
ففي حديث أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطول في الأولى. قال فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى.
وعن أبي سعيد قال: لقد كانت الصلاة تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته، ثم يتوضأ ثم يأتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى مما يطولها. رواه أحمد ومسلم وابن ماجه والنسائي.

.6- وجوب متابعة الإمام وحرمة مسابقته:
تجب متابعة الإمام وتحرم مسابقته: لحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون» رواه الشيخان.
وفي رواية أحمد وأبي داود «إنما الإمام ليؤتم به: فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا سجد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجد».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو يحول الله صورته صورة حمار» رواه الجماعة، وعن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس، إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالقعود ولا بالانصراف» رواه أحمد ومسلم.
وعن البراء ابن عازب قال: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا قال سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره حتى يضع النبي صلى الله عليه وسلم جبهته على الأرض. رواه الجماعة.

.7- انعقاد الجماعة بواحد مع الإمام:
تنعقد الجماعة بواحد مع الإمام ولو كان أحدهما صبيا أو امرأة.
وقد جاء عن ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل فقمت أصلي معه، فقمت عن يساره، فأخذ برأسي فأقامني عن يمينه رواه الجماعة.
وعن أبي سعيد وأبي هريرة قالا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من استيقظ من الليل فأيقظ أهله فصليا ركعتين جميعا كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات» رواه أبو داود.
وعن أبي سعيد أن رجلا دخل المسجد وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يتصدق على ذا فيصلي معه؟» فقام رجل من القوم فصلى معه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه.
وروى ابن أبي شيبة: أن أبا بكر الصديق هو الذي يصلي معه وقد استدل الترمذي بهذا الحديث على جواز أن يصلي القوم جماعة في مسجد قد صلي فيه.
قال: وبه يقول أحمد وإسحاق.
وقال آخرون من أهل العلم يصلون فرادى وبه يقول سفيان ومالك وابن المبارك والشافعي.

.8- جواز انتقال الإمام مأموما:
يجوز للامام أن ينتقل مأموما إذا استخلف فحضر الإمام الراتب، لحديث الشيخين عن سهل بن سعد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال: أتصلي بالناس فأقيم؟ قال: نعم. قال فصلى أبو بكر فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف، فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله: أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى ثم انصرف، فقال: «يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟» فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مالي رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء».

.9- إدراك الإمام:
من أدرك الإمام كبر تكبيرة الاحرام قائما ودخل معه على الحالة التي هو عليها، ولا يعتمد بركعة حتى يدرك ركوعها سواء أدرك الركوع بتمامه مع الإمام أو انحنى فوصلت يداه إلى ركبتيه قبل رفع الإمام، فعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة» رواه أبو داود وابن خزيمة في صحيحه والحاكم في المستدرك، وقال صحيح.
والمسبوق يصنع مثل ما يصنع الإمام فيقعد معه العقود الاخير، ويدعو ولا يقوم حتى يسلم، ويكبر إذا قام لاتمام ما عليه.

.10- أعذار التخلف عن الجماعة:
يرخص التخلف عن الجماعة عند حدوث حالة من الحالات الاتية:

.1، 2- البرد أو المطر:
فعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر المنادي فينادي بالصلاة.
ينادي: «صلوا في رحالكم، في الليلة الباردة المطيرة في السفر» رواه الشيخان.
وعن جابر قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فمطرنا فقال: «ليصل من شاء منكم في رحله» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي، وعن ابن عباس أنه قال لمؤذنه في يوم مطير إذا قلت: أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة قل: صلوا في بيوتكم قال: فكأن الناس استنكروا ذلك، فقال: أتعجبون من ذا؟ فقد فعل ذا من هو خير مني: النبي صلى الله عليه وسلم، إن الجماعة عزمة، وإني كرهت أن أخرجكم فتمشوا في الطين والدحض رواه الشيخان، ولمسلم: أن ابن عباس أمر مؤذنه في يوم جمعة في يوم مطير ومثل البرد الحر الشديد والظلمة والخوف من ظالم.
قال ابن بطال: أجمع العلماء على أن التخلف عن الجماعة في شدة المطر والظلمة والريح وما أشبه ذلك، مباح.

.3- حضور الطعام:
لحديث ابن عمر قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم «إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه وإن أقيمت الصلاة» رواه البخاري.

.4- مدافعة الاخبثين.
فعن عائشة قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافع الاخبثين» رواه أحمد ومسلم وأبو داود.

5- وعن أبي الدرداء قال: «من فقه الرجل إقباله على حاجته، حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ». رواه البخاري.

.11- الأحق بالإمامة:
الاحق بالإمامة الأقرأ لكتاب الله، فإن استووا في القراءة فالاعلم بالسنة، فإن استووا، فالاقدم هجرة، فإن استووا، فالاقدم هجرة، فإن استووا، فالاكبر سنا.
1- فعن أبي سعيد قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة اقرؤهم» رواه أحمد ومسلم والنسائي.
والمراد بالأقرأ الاكثر حفظا لحديث عمرو بن سلمة، وفيه: «ليؤمكم أكثركم قرآنا».
2- وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم، بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سنا ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه».
وفي لفظ: «لا يؤم الرجل الرجل في أهله ولا سلطانه» رواه أحمد ومسلم، ورواه سعيد بن منصور، لكن قال فيه: «لا يؤم الرجل الرجل في سلطانه إلا بإذنه، ولا يقعد على تكرمته في بيته إلا بإذنه» ومعنى هذا أن السلطان وصاحب البيت والمجلس وإمام المجلس أحق بالإمامة من غيره، ما لم يأذن واحد منهم.
فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الاخر أن يؤم قوما إلا بإذنهم، ولا يخص نفسه بدعوة دونهم فإن فعل فقد خانهم» رواه أبو داود.

.12- من تصح إمامتهم:
تصح إمامة الصبي المميز، والاعمى، والقائم بالقاعد، والقاعد بالقائم، والمفترض بالمتنفل، والمتنفل بالمفترض والمتوضئ بالمتيمم، والمتيمم بالمتوضئ والمسافر بالمقيم، والمقيم بالمسافر، والمفضول بالفاضل فقد صلى عمرو بن سلمة بقومه وله من العمر ست أو سبع سنين، واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم على المدينة مرتين يصلي بهم، وهو أعمى، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه قاعدا، وصلى في بيته جالسا وهو مريض وصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به: فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا وراءه» وكان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الاخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فكانت صلاته له تطوعا ولهم فريضة العشاء.
وعن محجن بن الادرع قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فحضرت الصلاة، فصلى ولم أصل فقال لي: «ألا صليت»؟ قلت يا رسول الله إني قد صليت في الرحل ثم أتيتك. قال: «إذا جئت فصل معهم واجعلها نافلة».
ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي وحده فقال: «ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه» وصلى عمرو بن العاص إماما وهو متيمم وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس بمكة زمن الفتح ركعتين ركعتين إلا المغرب وكان يقول: «يا أهل مكة قوموا فصلوا ركعتين أخريين فإنا قوم سفر» وإذا صلى المسافر خلف المقيم أتى الصلاة أربعا ولو أدرك معه أقل من ركعة، فعن ابن عباس أنه سئل: ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد وأربعا إذا ائتم بمقيم؟ فقال: تلك السنة.
وفي لفظ أنه قال له موسى بن سلمة: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعا وإذا رجعنا صلينا ركعتين؟.
فقال تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم رواه أحمد.

.13- من لا تصح إمامتهم:
لا تصح إمامة معذور لصحيح ولا لمعذور مبتلى بغير عذره عند جمهور العلماء.
وقالت المالكية تصح إمامته للصحيح مع الكراهة.

.14- إستحباب إمامة المرأة للنساء:
فقد كانت عائشة رضي الله عنها تؤم النساء وتقف معهن في الصف، وكانت أم سلمة تفعله، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ورقة مؤذنا يؤذن لها وأمرها أن تؤم أهل دارها في الفرائض.

.15- إمامة الرجل النساء فقط:
روى أبو يعلى والطبراني في الاوسط بسند حسن أبي بن كعب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله عملت الليلة عملا.
قال: «ما هو» قال: نسوة معي في الدار قلن إنك تقرأ ولا نقرأ فصل بنا، فصليت ثمانيا والوتر.
فسكت النبي صلى الله عليه وسلم قال: فرأينا سكوته رضا.
.16- كراهة إمامة الفاسق والمبتدع:
روى البخاري أن ابن عمر كان يصلي خلف الحجاج.
وروى مسلم أن أبا سعيد الخدري صلى خلف مروان صلاة العيد، وصلى ابن مسعود خلف الوليد ابن عقبة بن أبي معيط - وقد كان يشرب الخمر، وصلى بهم يوما الصبح أربعا وجلده عثمان بن عفان على ذلك - وكان الصحابة والتابعون يصلون خلف ابن عبيد، وكان متهما بالالحاد وداعيا إلى الضلال، والاصل الذي ذهب إليه العلماء أن كل من صحت صلاته لنفسه صحت صلاته لغيره، ولكنهم مع ذلك كرهوا الصلاة خلف الفاسق والمبتدع، لما رواه أبو داود وابن حبان وسكت عنه أبو داود والمنذري عن السائب بن خلاد أن رجلا أم قوما فبصق في القبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يصلي لكم» فأراد بعد ذلك أن يصلي بهم، فمنعوه وأخبروه يقول النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك للنبي فقال: «نعم، إنك آذيت الله ورسوله».

.17- جواز مفارقة الإمام لعذر:
يجوز لمن دخل الصلاة مع الإمام أن يخرج منها بنية المفارقة ويتمها وحده ذا أطال الإمام الصلاة.
ويلحق بهذه الصورة حدوث مرض أو خوف ضياع مال أو تلفه أو فوات رفقة أو حصول غلبة نوم، ونحو ذلك.
لما رواه الجماعة عن جابر قال: كان معاذ يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم، فأخر النبي صلى الله عليه وسلم العشاء فصلى معه ثم رجع إلى قومه فقرأ سورة البقرة فتأخر رجل فصلى وحده فقيل له.
نافقت يا فلان، قال: ما نافقت، ولكن لاتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال: «أفتان أنت يا معاذ، أفتان أنت يا معاذ، اقرأ سورة كذا وكذا».

.18- ما جاء في إعادة الصلاة مع الجماعة:
عن يزيد الاسود قال: صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم الفجر بمنى فجاء رجلان حتى وقفا على رواحلهما، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فجئ بهما تريد فرائصهما فقال لهما: «ما منعكما أن تصليا مع الناس...ألستما مسلمين؟» قالا: بلى يا رسول الله إنا كنا قد صلينا في رحالنا. فقال لهما: «إذا صليتما في حالكما ثم أتيتما الإمام فصليا معه فإنها لكما نافلة» رواه أحمد وأبو داود.
ورواه النسائي والترمذي بلفظ: «إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة» قال الترمذي: حديث حسن صحيح وصححه أيضا ابن السكن.
ففي هذا الحديث دليل على مشروعية إعادة الصلاة بنية التطوع لمن صلى الفرض في جماعة أو منفردا إذا أدرك جماعة أخرى في المسجد: وقد روى أن حذيفة أعاد الظهر والعصر والمغرب، وقد كان صلاهما في جماعة، كما روي عن أنس أنه صلى مع أبي موسى الصبح في المربد ثم انتهيا إلى المسجد الجامع فأقيمت الصلاة فصليا مع المغيرة بن شعبة.
وأما قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «لا تصلوا صلاة في يوم مرتين» فقد قال ابن عبد البر: اتفق أحمد وإسحاق أن ذلك أن يصلي الرجل صلاة مكتوبة عليه ثم يقوم بعد الفراغ فيعيدها على الفرض أيضا.
وأما من صلى الثانية مع الجماعة على أنها نافلة اقتداء بالنبي في أمره بذلك فليس ذلك من إعادة الصلاة في اليوم مرتين لأن الأولى فريضة والثانية نافلة، فلا إعادة حينئذ.

.19- استحباب انحراف الإمام عن يمينه أو شماله بعد السلام ثم انتقاله من مصلاه:
لحديث قبيضة بن وهب عن أبيه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤمنا فينصرف على جانبيه جميعا، على يمينه وعلى شماله رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن.
وعليه العمل عند أهل العلم أنه ينصرف على أي جانبيه شاء. وقد صح الأمران عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لم يقعد الا مقدار ما يقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام». رواه أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه.
وعند أحمد والبخاري عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه وهو يمكث في مكانه يسيرا قبل أن يقوم.
قالت: فنرى - والله أعلم - أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال.

.20- علو الإمام أو المأموم:
يكره أن يقف الإمام أعلى من المأموم، فعن أبي مسعود الانصاري قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم الإمام فوق شيء والناس خلفه» يعني أسفل منه، رواه الدار قطني وسكت عنه الحافظ في التلخيص.
وعن همام ابن الحارث أن حذيفة أم الناس بالمدائن على دكان فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه فلما فرغ من صلاته قال: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى، فذكرت حين جذبتني رواه أبو داود والشافعي والبيهقي وصححه الحاكم وابن خزيمة وابن حبان.
فإن كان للامام غرض من ارتفاعه على المأموم فإنه لا كراهة حينئذ، فعن سهل بن سعد الساعدي قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر أول يوم وضع فكبر وهو عليه ثم ركع ثم نزل القهقهري وسجد في أصل المنبر ثم عاد فلما فرغ أقبل عن الناس فقال: أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتتعلموا صلاتي» رواه أحمد والبخاري ومسلم.
وأما ارتفاع المأموم على الإمام فجائز، لما رواه سعيد بن منصور والشافعي والبيهقي وذكره البخاري تعليقا عن أبي هريرة أنه صلى على ظهر المسجد بصلاة الإمام.
وعن أنس أنه كان يجمع في دار أبي نافع عن يمين المسجد في غرفة قدر قامة منها لها باب مشرف على مسجد بالبصرة فكان أنس يجمع فيها ويأتم بالإمام، وسكت عليه الصحابة. رواه سعيد بن منصور في سننه.
قال الشوكاني: وأما ارتفاع المؤتم فإن كان مفرطا بحيث يكون فوق ثلاثمائة ذراع على وجه لا يمكن المؤتم العلم بأفعال الإمام فهو ممنوع بالاجماع من غير فرق بين المسجد وغيره، وإن كان دون ذلك المقدار فالاصل الجواز حتى يقوم دليل على المنع، ويعضد هذا الاصل فعل أبي هريرة المذكور ولم ينكر عليه.

.21- اقتداء المأموم بالإمام مع الحائل بينهما:
يجوز اقتداء المأموم بالإمام وبينهما حائل إذا علم انتقالاته برؤية أو سماع.
قال البخاري، قال الحسن: لا بأس أن تصلي وبينك وبينه نهر.
وقال أبو مجلز: يأتم بالإمام وان كان بينهما طريق أو جدار إذا سمع تكبيرة الاحرام. انتهى.
وقد تقدم حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يأتمون به من وراء الحجرة يصلون بصلاته.

.22- حكم الائتمام بمن ترك فرضا:
تصح إمامة من أخل بترك شرط أو ركن إذا أتم المأموم وكان غير عالم بما تركه الإمام، لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يصلون بكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وان أخطأوا فلكم وعليهم» رواه أحمد والبخاري.
وعن سهل قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الإمام ضامن فإن أحسن فله ولهم، وإن أساء فعليه» يعني ولا عليهم، رواه ابن ماجه.
وصح عن عمر أنه صلى بالناس وهو جنب، ولم يعلم، فأعاد ولم يعيدوا.

.23- الاستخلاف:
إذا عرض للامام وهو في الصلاة عذر كأن ذكر أنه محدث، أو سبقه الحدث فله أن يستخلف غيره ليكمل الصلاة بالمأمومين.
فعن عمرو بن ميمون قال: إني لقائم ما بيني وبين عمر - غداة أصيب - إلا عبد الله بن عباس فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الكلب حين طعنه وتناول عمر عبد الرحمن بن عوف فقدمه فصلى بهم صلاة خفيفة. رواه البخاري.
وعن أبي رزين قال: صلى علي ذات يوم فرعف فأخذ بيد رجل فقدمه ثم انصرف، رواه سعيد بن منصور.
وقال أحمد: أن استخلف الإمام فقد استخلف عمر وعلي، وإن صلوا وحدانا فقد طعن معاوية وصلى الناس وحدانا من حيث طعن، وأتموا صلاتهم.

.24- من أم قوما يكرهونه:
جاءت الأحاديث تحظر أن يؤم رجل جماعة وهم له كارهون، والعبرة بالكراهة الكراهة الدينية التي لها سبب شرعي، فعن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا: رجل أم قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط. وأخوان متصارمان» رواه ابن ماجه، قال العراقي: إسناده حسن.
وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة: من تقدم قوما وهم له كارهون، ورجل أتى الصلاة دبارا ورجل اعتبد محرره» رواه أبو داود وابن ماجه.
قال الترمذي: وقد كره قوم أن يؤم الرجل قوما وهم له كارهون، فإذا كان الإمام غير ظالم فإنما الاثم على من كرهه.

.25- موقف الإمام والمأموم:
1- استحباب وقوف الواحد عن يمين الإمام والاثنين فصاعدا خلفه: لحديث جابر، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي فجئت فقمت على يساره فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه ثم جاء جابر بن صخر فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بأيدينا جميعا فدفعنا حتى أقامنا خلفه، رواه مسلم وأبو داود.
وإذا حضرت المرأة الجماعة وقفت وحدها خلف الرجال ولا تصف معهم فإن خالفت صحت صلاتها عند الجمهور.
قال أنس: صليت أنا ويتيم في بيتنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأمي أم سليم خلفنا، وفي لفظ: فصففت أنا واليتيم خلفه، والعجوز من ورائنا. رواه البخاري ومسلم.

2- استحباب وقوف الإمام مقابلا لوسط الصف وقرب أولي الاحلام والنهي منه: لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وسطوا الإمام وسدوا الخلل» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري.
وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليليني منكم أولوا الاحلام والنهي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وإياكم وهيشات الاسواق» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي.
وعن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يليه المهاجرون والانصار ليأخذوا عنه رواه أحمد وأبو داود.
والحكمة في تقديم هؤلاء ليأخذوا عن الإمام ويقوموا بتنبيهه إذا أخطأ ويستخلف منهم إذا احتاج إلى استخلاف.

3- موقف الصبيان والنساء من الرجال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجعل الرجال قدام الغلمان، والغلمان خلفهم، والنساء خلف الغلمان رواه أحمد وأبو داود.
وروى الجماعة إلا البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها».
وإنما كان خير صفوف النساء آخرها لما في ذلك من البعد عن مخالطة الرجال بخلاف الوقوف في الصف الأول فإنه مظنة المخالطة لهم.

4- صلاة المفرد خلف الصف: من كبر للصلاة خلف الصف ثم دخله وأدرك فيه الركوع مع الإمام صحت صلاته، فعن أبي بكرة أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «زادك الله حرصا ولا تعدد» رواه أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي.
وأما من صلى منفردا عن الصف فإن الجمهور يري صحة صلاته مع الكراهة.
وقال أحمد وإسحاق وأحمد وابن أبي ليلى ووكيع والحسن بن صالح والنخعي وابن المنذر: من صلى ركعة كاملة خلف الصف بطلت صلاته.
فعن وابصة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة رواه الخمسة إلا النسائي.
ولفظ أحمد قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل صلى خلف الصف وحده؟ فقال: «يعيد الصلاة» وحسن هذا الحديث الترمذي، وإسناد أحمد جيد.
وعن علي بن شيبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فوقف حتى انصرف الرجل فقال له: «استقبل صلاتك فلا صلاة لمفرد خلف الصف» رواه أحمد وابن ماجه والبيهقي، قال أحمد: حديث حسن، وقال ابن سيد الناس: رواته ثقات معروفون.
وتمسك الجمهور بحديث أبي بكرة قالوا لأنه أتى ببعض الصلاة خلف الصف ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالاعادة فيحمل الأمر بالاعادة على جهة الندب مبالغة في المحافظة على ما هو الأولى.
قال الكمان بن الهمام: وحمل أئمتنا حديث وابصة على الندب وحديث علي بن شيبان على نفي الكمال ليوافقا حديث أبي بكرة، إذ ظاهره عدم لزوم الاعادة لعدم أمره بها.
ومن حضر ولم يجد سعة في الصف ولا فرجة فقيل: يقف منفردا ويكره له جذب أحد، وقيل يجذب واحدا من الصف عالما بالحكم بعد أن يكبر تكبيرة الاحرام. ويستحب للمجذوب موافقته.

5- تسوية الصفوف وسد الفرج:
يستحب للامام أن يأمر بتسوية الصفوف وسد الخلل قبل الدخول في الصلاة.
فعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل علينا بوجهه قبل أن يكبر فيقول: «تراصوا واعتدلوا» رواه البخاري ومسلم.
ورويا عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة».
وعن النعمان بن بشير قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوينا في الصفوف كما يقوم القدح حتى إذا ظن أن قد أخذنا ذلك عنه وفقهنا أقبل ذات يوم بوجهه إذا رجل منتبذ بصدره فقال: لتسونَّ صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم» رواه الخمسة وصححه الترمذي، وروى أحمد والطبراني بسند لا بأس به عن أبي أمامة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سووا صفوفكم، وحاذوا بين مناكبكم لينوا في أيدي إخوانكم وسدوا الخلل فإن الشيطان يدخل فيما بينكم بمنزلة الحذف».
وروى أبو داود والنسائي والبيهقي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أتموا الصف المقدم ثم الذي يليه فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر»
وروى البزار بسند حسن عن ابن عمر قال: ما من خطوة أعظم أجرا من خطوة مشاها رجل إلى فرجة في الصف فسدها وروى النسائي والحاكم وابن خزيمة عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله»
وروى الجماعة إلا البخاري والترمذي عن جابر بن سمرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ألا تصفون كما تصفت الملائكة عند ربها؟» فقلنا: يا رسول الله كيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: «يتمون الصف الأول ويتراصون في الصف».

6- الترغيب في الصف الأول وميامن الصفوف: تقدم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليهما لاستهموا» الحديث.
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخرا عن الصف الأول فقال لهم: «تقدموا فائتموا بي وليأتم بكم من وراءكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله عزوجل» رواه مسلم والنسائي وأبو داود وابن ماجه، وروى أبو داود وابن ماجه عن عائشة قالت، قالت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون على ميامن الصفوف» وعند أحمد والطبراني بسند صحيح عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول» قالوا: يا رسول الله وعلى الثاني؟ قال: «إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول» قالوا: يا رسول الله وعلى الثاني؟ قال: «وعلى الثاني».

7- التبليغ خلف الإمام: يستحب التبليغ خلف الإمام عند الحاجة إليه بأن لم يبلغ صوت الإمام المأمومين: أما إذا بلغ صوت الإمام الجماعة فهو حينئذ بدعة مكروهة باتفاق الائمة.
.المساجد:
.1- مما اختص الله به هذه الأمة:
أن جعل لها الأرض طهورا ومسجدا فأيما رجل من المسلمين أدركته الصلاة فليصل حيث أدركته.
قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولا؟ قال: «المسجد الحرام».
قلت: ثم أي؟ قال: «ثم المسجد الاقصى» قلت: كم بينهما؟ قال: «أربعون سنة» ثم قال: «أينما أدركتك الصلاة فصل فهو مسجد» وفي رواية: «فكلها مسجد» رواه الجماعة.

.2- فضل بنائها:
1- عن عثمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من بنى لله مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتا في الجنة» متفق عليه.
2- وروى أحمد وابن حبان والبزار بسند صحيح عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتا في الجنة».

.3- الدعاء عند التوجه إليها:
يسن الدعاء حين التوجه إلى المسجد بما يأتي:
1- قالت أم سلمة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من بيته قال: «بسم الله توكلت على الله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي» رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي.
2- وروى أصحاب السنن الثلاثة وحسنه الترمذي عن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال إذا خرج من بيته: بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله يقال له: حسبك!..هديت، وكفيت، ووفيت، تنحى عنه الشيطان».
3- روى البخاري ومسلم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصلاة وهو يقول: «اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي بصري نورا، وفي سمعي نورا، وعن يميني نورا، وخلفي نورا وفي عصبي نورا، وفي لحمي نورا، وفي دمي نورا، وفي شعري نورا، وفي بشري نورا».
وفي رواية لمسلم: «اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي لساني نورا، واجعل في سمعي نورا، وفي بصري نورا، واجعل من خلفي نورا، ومن أمامي نورا، واجعل من فوقي نورا، ومن تحتي نورا: اللهم أعطني نورا».
4- وروى أحمد وابن خزيمة وابن ماجه حسنه الحافظ عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا خرج الرجل من بيته إلى الصلاة فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة، خرجت اتقاء سخطك، وابتغاء مرضاتك أسألك أن تنقذني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وكل الله به سبعين ألف ملك يستغفرون له، وأقبل الله عليه بوجهه حتى يقضي صلاته».

.4- الدعاء عند دخولها وعند الخروج منها:
يسن لمن أراد دخول المسجد أن يدخل برجله اليمنى ويقول: أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم. بسم الله: اللهم صل على محمد: اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك.
وإذا أراد الخروج خرج برجله اليسرى ويقول: بسم الله: اللهم صل على محمد: اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك: اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم.

.5- فضل السعي إليها والجلوس فيها:
1- روى أحمد والشيخان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من غدا إلى المسجد وراح أعد الله له الجنة نزلا كلما غدا وراح».
2- وروى أحمد وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان والترمذي وحسنه والحاكم وصححه، عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالايمان» قال الله عزوجل: {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الاخر}.
3- وروى مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداها تحط خطيئته والاخرى ترفع درجته».
4- وروى الطبراني والبزار بسند صحيح عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المسجد بيت كل تقي وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالروح والرحمة والجواز على الصراط إلى رضوان الله: إلى الجنة».
5- وتقدم حديث: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات».

.6- تحية المسجد:
روى الجماعة عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاء أحدكم المسجد فليصل سجدتين من قبل أن يجلس».

.7- أفضلها:
1- روى البيهقي عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة في المسجد الحرام مائة ألف صلاة، وصلاة في مسجدي ألف صلاة، وفي بيت المقدس خمسمائة صلاة».
2- وروى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في ما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة».
3- وروى الجماعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الاقصى».

.8- زخرفة المساجد:
1- روى أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد».
ولفظ ابن خزيمة: «يأتي على الناس زمان يتباهون بالمساجد ثم لا يعمرونها إلا قليلا».
2- وروى أبو داود وابن حبان وصححه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أمرت بتشييد المساجد» زاد أبو داود: قال ابن عباس لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى.
3- وروى ابن خزيمة وصححه: أن عمر أمر ببناء المساجد فقال: أكن الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصرف فتفتن الناس رواه البخاري معلقا.

.9- تنظيفها وتطييبها:
1- روى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان بسند جيد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ببناء المساجد في الدور، وأمر بها أن تنظف وتطيب.
ولفظ أبي داود: «كان يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في دورنا ونصلح صنعتها ونطهرها، وكان عبد الله يجمر المسجد إذا قعد عمر على المنبر».
2- وعن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل إلى المسجد» رواه أبو داود والترمذي وصححه ابن خزيمة.

.10- صيانتها:
المساجد بيوت العبادة فيجب صيانتها من الاقذار والروائح الكريهة.
فعند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن هذه المساجد لا تصلح لشئ من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله وقراءة القرآن».
وعند أحمد بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا تنخم أحدكم فليغيب نخامته أن تصيب جلد مؤمن أو ثوبه فتؤذيه» وروى هو والبخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يبزقن أمامه فإنه يناجيه الله تبارك وتعالى مادام في مصلاه، ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكا، وليبصق عن يساره أو تحت قدمه فيدفنها» وفي الحديث المتفق على صحته عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أكل الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم».
وخطب عمر يوم الجمعة فقال: إنكم أيها الناس تأكلون من شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين البصل والثوم لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل أمر به فأخرج إلى البقيع، فمن أكلها فليمتهما طبخا، رواه أحمد ومسلم والنسائي.

.11- كراهة نشد الضالة والبيع والشراء والشعر:
فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا» رواه مسلم.
وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا له: لا أربح الله تجارتك» رواه النسائي والترمذي وحسنه، وعن عبد الله بن عمر قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشراء والبيع في المسجد وأن تنشد فيه الاشعار وأن تنشد فيه الضالة، ونهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة» رواه لا خمسة وصححه الترمذي.
والشعر المنهي عنه ما اشتمل على هجو مسلم أو مح ظالم أو فحش ونحو ذلك.
أما ما كان حكمة أو مدحا للاسلام أو حثا على بر فإنه لا بأس به، فعن أبي هريرة أن عمر مر بحسان ينشد في المسجد فلحظ إليه فقال: قد كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك، ثم التفت إلى أبي هريرة فقال: أنشدك بالله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أجب عني، اللهم أيده بروح القدس؟ قال نعم» متفق عليه.

.12- السؤال فيها:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أصل السؤال محرم في المسجد وغيره إلا لضرورة فإن كان به ضرورة وسأل في المسجد ولم يؤذ أحدا كتخطية الرقاب ولم يكذب فيما يرويه ولم يجهر جهرا يضر الناس كأن يسأل والخطيب يخطب أو وهم يسمعون علما يشغلهم به، جاز.

.13- رفع الصوت فيها:
يحرم رفع الصوت على وجه يشوش على المصلين ولو بقراءة القرآن. ويستثنى من ذلك درس العلم.
فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: «إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر بم يناجيه؟ ولا يجهر بعضكم على بعض القرآن» رواه أحمد بسند صحيح، وروى عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: «ألا أن كلكم مناج ربه فلا يوذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة»، رواه أبو داود والنسائي والبيهقي والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين.

.14- الكلام في المسجد:
قال النووي: يجوز التحدث بالحديث المباح في المسجد وبأمور الدنيا وغيرها من المباحات وإن حصل فيه ضحك ونحوه ما دام مباحا: لحديث جابر ابن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذي صلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس فإذا طلعت قام. قال: وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم. أخرجه مسلم.

.15- إباحة الأكل والشرب والنوم فيها:
فعن ابن عمر قال: كنا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ننام في المسجد نقيل فيه ونحن شباب.
وقال النووي: ثبت أن أصحاب الصفة والعرنبين وعليا وصفوان بن أمية وجماعات من الصحابة كانوا ينامون في المسجد.
وأن ثمامة كان يبيت فيه قبل إسلامه. كل ذلك في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي في الأم: وإذا بات المشرك في المسجد فكذا المسلم.
وقال في المختصر: ولا بأس أن يبيت المشرك في كل مسجد إلا المسجد الحرام.
وقال عبد الله بن الحارث: كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الخبز واللحم، رواه ابن ماجه بسند حسن.

.16- تشبيك الاصابع:
يكره تشبيك الاصابع عند الخروج إلى الصلاة وفي المسجد عند انتظارها ولا يكره فيما عدا ذلك ولو كان في المسجد.
فعن كعب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وعن أبي سعيد الخدري قال: دخلت المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجل جالس وسط المسجد محتبيا مشبكا أصابعه بعضها على بعض فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفطن لاشارته.
فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبكن فإن التشبيك من الشيطان، وإن أحدكم لا يزال في صلاة ما كان في المسجد حتى يخرج منه» رواه أحمد.

.17- الصلاة بين السواري:
يجوز للامام والمنفرد الصلاة بين السواري، لما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة صلى بين الساريتين».
وكان سعيد بن جبر وإبراهيم التيمي وسويد بن غفلة يؤمون قومهم بين الاساطين.
وأما المؤتمون فتكره صلاتهم بينها عند السعة بسبب قطع الصفوف ولا تكره عند الضيق.
فعن أنس قال: كنا ننهى عن الصلاة بين السواري ونطرد عنها رواه الحاكم وصححه، وعن معاوية بن قرة عن أبيه قال: كنا ننهى أن نصف بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطرد عنها طردا رواه ابن ماجه وفي إسناده رجل مجهول.
وروى سعيد بن منصور في سننه النهي عن ذلك من ابن مسعود وابن عباس وحذيفة.
قال ابن سيد الناس: ولا يعرف لهم مخالف في الصحابة.