الثلاثاء، 21 فبراير 2012

موسوعة اللغة العربية - علم الصرف : عمل المصدر


علم الصرف : عمل المصدر

يعمل المصدر عمل فعله فيرفع فاعلاً إن كان لازم ، ويرفع فاعلاً وينصب مفعولاً به إن كان من فعل متعدٍ .

مثال المصدر الذي يرفع فاعلاً فقط : سرني صدقُ محمدٍ .

نحو : يعجبني اجتهاد أحمد .

المصدر : صدق واجتهاد وكلاهما مشتق من فعل لازم يأخذ فاعلاً ولا يتعدى إلى مفعول به . الأول : صَدَقَ ، والثاني : اجتهد ، ثم أضيف كل من المصدرين إلى فاعله الأول محمد والثاني أحمد ، محمد وأحمد كل منهما مجرور لفظاً لأنه مضاف إليه ، مرفوع محلاً لأنه فاعل ، ومنه قوله تعالى : { فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر } 42 القمر.

ومثال المصدر الذي يرفع فاعلاً وينصب مفعولاً به : قولك الخير صدقة .

المصدر : قَوْل مشتق من الفعل قال المتعدي لأنه يأخذ فاعلاً ومفعولاً به ، ثم أضيف المصدر إلى فاعله وهو الكاف ، ونصب المفعول به وهو " الخبر " ، والمصدر مبتدأ وصدقة خبره .

ومنه قوله تعالى : { وأكلهم أموال الناس بالباطل } 161 النساء .

ومثاله نصبه لمفعولين قولنا : تعليمك الطفل القرآن منفعة له .

ونحو : إطعامك الفقير كسرة خبز صدقة .

المصدر : تعليم وإطعام ، ومفعولي المصدر الأول الطفل والقرآن ، ومفعولي المصدر الثاني : الفقير وكسرة .

شروط عمل المصدر :

يشترط في المصدر لكي يعمل عمل فعله الشروط التالية :

1 ـ صحة حلول فعله محله مسبوقاً بأن المصدرية مع الزمن الماضي أو المستقبل .

نحو : عجبت من محادثتك علياً أمسِ . التقدير : عجبت من أن حادثته أمس .

ويدهشني إرسالك الرسالة غداً . التقدير : يدهشني أن ترسل الرسالة غداً .

أو مسبوقاً بما المصدرية والزمن يدل على حال .

نحو : يسرني عملك الواجب الآن . التقدير : ما تعمله .

2 ـ أن يكون نائباً مناب الفعل .

نحو : احتراماً أخاك . فأخاك منصوب باحترام لنيابته مناب " احترام " وهو فعل أمر من أحترم الذي أخذ منه المصدر ، كما أن المصدر مشتمل على ضمير مستتر فيه يعرب فاعلاً تماماً كما هو الحال في فعله الأمر ، وفيه يجوز تقديم المصدر على معموله أو تأخيره عنه . 

3 ـ ومن الشروط التي يجب توافرها في عمل المصدر أيضاً ألا يكون مصغراً فلا يجوز أن نقول : آلمني ضريبك الطفل الآن .

4 ـ وألا يكون مضمراً فلا يجوز أن نقول : احترامي لمحمد واجب وهو لأخيه غير واجب .

5 ـ وألا يكون محدوداً بتاء الوحدة ، فلا يجوز أن نقول : سرتني سفرتك الرياض .

6 ـ وألا يكون موصوفاً قبل العمل ، فلا يجوز أن نقول : نقاشك الحادُ أخاك .

7 ـ وألا يكون مفصولاً عن معموله بأجنبي ، فلا يجوز أن نقول : أراضي لقاؤك مرتين محمداً .

8 ـ وألا يتأخر المصدر عن معموله ، فلا يجوز أن نقول : أدهشني علياً مقاطعة خالد

ويغتفر أن يكون المعمول المتقدم على مصدره ظرفاً أو جاراً ومجروراً .

نحو : أبهجني مساءً حضورُ سعيد .

       وأعجبني في المنزل تواجد أخيك .

9 ـ وألا يكون محذوفاً أو غير مفرد – مثنى أو جمع – ولا ما لم يرد به الحدث . ففي مثل : العلم مفيد . العلم مصدر ولكن لا يراد به الحدث لذلك فهو غير عامل .

فوائـد :

1 ـ يعمل المصدر عمل الفعل لا لشبهة به ، بل لأنه أصله ، وهذا مذهب البصريين ، لأنهم يقولون المصدر أصل الفعل ، غير أن الكوفيين يقول بأصل الفعل والمصدر فرع منه .

2 ـ يختلف المصدر عن الفعل بأنه يجوز حذف فاعل المصدر ولا يجوز حذف فاعل الفعل . نحو : تكريم الفائزين يشجعهم على مواصلة الفوز .

فالمصدر : تكريم مضاف إلى مفعوله " الفائزين " والفاعل محذوف جوازاً ، أي تكريمكم أو تكريم المعلمين .

3 ـ قد يعمل المصدر وإن لم يصلح للاستغناء عنه " بأن والفعل " أو " ما والفعل " .

ومن ذلك قول بعض العرب : " سَمْعُ أذني أخاك يقول ذلك " .

      فسمع مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى فاعله وهو " أذني " وأخاك مفعوله ، وجملة يقول في محل نصب حال سدت مسد الخبر ، والتقدير : سمع أذني حاصل إذ كان يقول ، على حد ضربي العبد مسيئاً ، ويمتنع التأويل بالفعل مع " أن " أو " ما " في هذا ، لأنه لم يعرف مبتدأ خبره حال سدت مسد الخبر .

 

حالات عمل المصدر :

للمصدر العامل ثلاث حالات :

أ – أن يكون مضافاً .

ب – أن يكون معرفاً .

جـ – أن يكون مجرداً من أل والإضافة .

أولاً : المصدر العامل المضاف وهو أكثر حالات المصدر عملاً وله خمسة أحوال :

1 ـ أن يضاف إلى فاعله ثم يأتي مفعوله ، نحو قوله تعالى : {  ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض } 251 البقرة .

2 ـ أن يضاف إلى مفعوله ثم يأتي فاعله ، وهو قليل ، ومنه قوله تعالى : {  ولله على الناس حجُ البيتِ من استطاع إليه سبيلاً } 97 آل عمران .

ونحو : معاقبة المهملِ المعلمُ .

3 ـ أن يضاف إلى الفاعل ثم لا يذكر المفعول به ، نحو قوله تعالى : {  وما كان استغفار إبراهيم } 114 التوبة . والتقدير : استغفار إبراهيم ربه .

4 ـ أن يضاف إلى المفعول ولا يذكر الفاعل ، نحو قوله تعالى : {  لا يسأم الإنسان من دعاء الخير } 49 فصلت . والتقدير : من دعائه الخير .

5 ـ أن يضاف إلى الظرف ، فيرفع وينصب كالمنون . نحو : أعجبني التقاء يوم الخميس اللاعبون مدربيهم .

فاللاعبون فاعل للمصدر التقاء ، ومدربيهم مفعول به له .
 
ثانياً : المصدر العامل المعرف بأل : وهو أقل حالات المصدر عملاً ، وأضعفها في القياس لبعده من مشبهة الفعل بدخول أل عليه .

نحو : عجبت من الضرب محمداً .

ثالثاً : المصدر المنون وهو المجرد من أل والإضافة : وعمله أقيس من إعمال المحلي بأل . نحو قوله تعالى : { أو إطعام في يوم ذي مسغبة  يتيماً } 14 – 15 البلد .

تابع معمول المصدر :

المضاف إلى المصدر العامل إما أن يكون فاعلاً في الأصل فمحله الرفع ، أو يكون مفعولاً به فمحله النصب . لذلك إذا اتبعت المعمول بوصف جاز فيه الجر مراعاة للفظ المتبوع والرفع مراعاة للمحل إذا كان المعمول فاعلاً ، والنصب إذا كان مفعولاً به .

نحو : سررت من احترام سعيدٍ المجتهدِ معلّمَه .

فيجوز في إعراب كلمة " المجتهد " الجر على اللفظ صفة لسعيد المجرورة بالإضافة إلى المصدر ، ويجوز فيها الرفع على المحل صفة لسعيد المرفوعة في الأصل لأنها فاعل للمصدر .

ونحو : يعجبني مكافأة التلميذِ المهذب أستاذُه .

فيجوز في إعراب كلمة " المهذب " الجر على اللفظ صفة للتلميذ المجرورة بالإضافة إلى المصدر .

كما يجوز فيها النصب على المحل صفة للتلميذ المنصوبة في الأصل لأنها مفعول به للمصدر .
 
فوائد وتنبهات :

1 ـ القائل باتباع معمول المصدر على المحل هم الكوفيون وجماعة من البصريين ، أما سيبويه وبقية البصريين فقالوا بعد جوازه . واكتفوا بالاتباع علىاللفظ ، وفي رأيي هذا هو الأنسب ولا حاجة إلى التذحلق في الإعراب ما دام الإعراب الظاهر يؤدي الغرض المطلوب ويفي به .

2 ـ جاء مصدر فعّل على فِعَّال مثل كذب كذاب ، وقد ذكرنا ذلك في موضعه ، وقد  جاء مصدره أيضاً على تفعال نحو : طوّف تطواف ، وكرر تكرار ، ونظائرهما وهي سماعية لا يقاس عليها .

3 ـ قد يجيء مصدر أفعل على وزن فَعَال ، نحو : أنبت نبات ، وأثنى ثناء .

ومنه قوله تعالى : {  والله أنبتكم من الأرض نباتاً } 17 نوح .

4 ـ قد يرد المصدر علىوزن اسمي الفاعل والمفعول نحو : العافية والعاقبة ، والميسور والمعقول .

وقد يأتي بمعنى اسمي الفاعل والمفعول نحو : عدل بمعنى عادل ، وغور بمعنى غائر ، وخلق بمعنى مخلوق .

تقول : هذا خلق الله ما أبدعه . أي مخلوقه .

5 ـ يعمل اسم المصدر والمصدر الميمي عمل المصدر في جميع أحواله وبشروطه السابقة . مثال عمل اسم المصدر : أنت كثير العطاء الناس .

ومنه قول الشاعر :

أكفراً بعد رد الموت عني              وبعدعطائك المئةَ الرِّتاعا

ومثال عمل المصدر الميمي : أعجبني مسعى أخيك للصلح بين المتخاصمين .

6 ـ لا يعمل المصدر المؤكد للفعل عمل الفعل ، فلا يصح أن نقول : عاقبتُ معاقبةَ مهملَ الواجب . باعتبار المفعول به " مهمل " معمول للمصدر معاقبة ، بل هو مفعول به للفعل عاقب .

كما أن المصدر المبين للعدد لا يعمل عمل الفعل ، فلا يصح أن نقول : كافأت مكافأتين الفائز . " فالفائز " مفعول به للفعل لا للمصدر .

ولكن يجوز في المصدر المبين للنوع أن يعمل عمل الفعل .

نحو : كتبت الرسالة كتابة المحبين رسائلهم .

" فرسائل " مفعول به للمصدر كتابة مع أنه مبين لنوع الفعل بإضافته للمحبين .

7 ـ اشترط في عمل المصدر أن يكون مفرداً ولا يصح أن يعمل مثنى أو مجموعاً ، والصحيح جواز عمله بصيغة الجمع كما في قول الشاعر :

قد جربوه فما زادت تجارتهم               أبا قدامة إلا المجد والنفعا

فالمصدر " تجارب " جمع للمصدر " تجربة " وقد نصب المفعول به " أبا " غير أن هذا شاذ وما ورد في البيتين خاص بالشعر ولا يقاس عليه .

8 ـ لا يجوز تقدم معمول المصدر عليه ، فلا يصح أن نقول : ليس لي به علم .

على اعتبار أن الجار والمجرور " به " متعلق بالمصدر " علم " والصحيح : ليس لي علم به