الأربعاء، 29 فبراير 2012

موسوعة الفقه - باب الصلاة : صلاة العيدين


صلاة العيدين

شرعت صلاة العيدين في السنة الأولى من الهجرة، وهي سنة مؤكدة واظب النبي صلى الله عليه وسلم عليها وأمر الرجال والنساء أن يخرجوا لها.
ولها أبحاث نوجزها فيما يلي:

.1- استحباب الغسل والتطيب ولبس أجمل الثياب:
فعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس برد حبرة في كل عيد. رواه الشافعي والبغوي.
وعن الحسن السبط قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العيدين أن نلبس أجود ما نجد وأن نتطيب بأجود ما نجد وأن نضحي بأثمن ما نجد. الحديث رواه الحاكم وفيه إسحاق ابن برزخ، ضعفه الازدي ووثقه ابن حبان.
وقال ابن القيم: وكان صلى الله عليه وسلم يلبس لهما أجمل ثيابه وكان له حلة يلبسها للعيدين والجمعة.

.2- الأكل قبل الخروج في الفطر دون الأضحى:
يسن أكل تمرات وترا قبل الخروج إلى الصلاة في عيد الفطر وتأخير ذلك في عيد الاضحى حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته إن كان له أضحية.
قال أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترا رواه أحمد والبخاري.
وعن بريدة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل، ولا يأكل يوم الاضحى حتى يرجع. رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد، وزاد: فيأكل من أضحيته.
وفي الموطأ عن سعيد بن المسيب: أن الناس كانوا يؤمرون بالأكل قبل الغدو يوم الفطر.
وقال ابن قدامة: لا نعلم في استحباب تعجيل الأكل يوم الفطر اختلافا.

.3- الخروج إلى المصلى:
صلاة العيد يجوز أن تؤدى في المسجد، ولكن أداءها في المصلى خارج البلد أفضل ما لم يكن هناك عذر كمطر ونحوه لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيدين في المصلى ولم يصل العيد بمسجده إلا مرة لعذر المطر.
فعن أبي هريرة أنهم أصابهم مطر في يوم عيد فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيد في المسجد رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم، وفي إسناده مجهول.
قال الحافظ في التلخيص: إسناده ضعيف.
وقال الذهبي: هذا حديث منكر.

.4- خروج النساء والصبيان:
يشرع خروج الصبيان والنساء في العيدين للمصلى من غير فرق بين البكر والثيب والشابة والعجوز والحائض، لحديث أم عطية قالت: أمرنا أن نخرج العواتق والحيض في العيدين يشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزل الحيض المصلى.
متفق عليه.
وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج نساءه وبناته في العيدين. رواه ابن ماجه والبيهقي.
وعن ابن عباس قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فصلى ثم خطب ثم أتى النساء فوعظهن وذكرهن وأمرهن بالصدقة. رواه البخاري.

.5- مخالفة الطريق:
ذهب أكثر أهل العلم إلى استحباب الذهاب إلى صلاة العيد في طريق والرجوع في طريق آخر سواء كان إماما أو مأموما، فعن جابر رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق. رواه البخاري.
وعن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى العيد يرجع في غير الطريق الذي خرج فيه. رواه أحمد ومسلم والترمذي.
ويجوز الرجوع في الطريق الذي ذهب فيه، فعند أبي داود والحاكم والبخاري في التاريخ عن بكر بن مبشر.
قال: كنت أغدو مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى يوم الفطر ويوم الاضحى فنسلك بطن بطحان حتى نأتي المصلى فنصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نرجع من بطن بطحان إلى بيوتنا.
قال ابن السكن: إسناده صالح.

.6- وقت صلاة العيد:
وقت صلاة العيد من ارتفاع الشمس قدر ثلاثة أمتار إلى الزوال، لما أخرجه أحمد بن الحسن البناء من حديث جندب قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بنا الفطر والشمس على قيد رمحين والاضحى على قيد رمح.
قال الشوكاني، في هذا الحديث: إنه أحسن ما ورد من الابحاث في تعيين وقت صلاة العيدين.
وفي الحديث استحباب تعجيل صلاة عيد الاضحى وتأخير صلاة الفطر.
قال ابن قدامة: ويسن تقديم الاضحى ليتسع وقت الضحية وتأخير الفطر ليتسع وقت إخراج صدقة الفطر، ولا أعلم فيه خلافا.

.7- الأذان والإقامة للعيدين:
قال ابن القيم: كان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة ولا قول: الصلاة جامعة. والسنة أن لا يفعل شيء من ذلك. انتهى.
وعن ابن عباس وجابر قالا: لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الاضحى. متفق عليه.
ولمسلم عن عطاء قال: أخبرني جابر أن لا أذان الصلاة يوم الفطر حين يخرج الإمام ولا بعدما يخرج ولا إقامة ولا نداء ولا شئ، لا نداء يومئذ ولا إقامة.
وعن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيد بغير أذان ولا إقامة، وكان يخطب خطبتين قائما يفصل بينهما بجلسة رواه البزار.

.8- التكبير في صلاة العيدين:
صلاة العيد ركعتان يسن فيهما أن يكبر المصلي قبل القراءة في الركعة الأولى سبع تكبيرات بعد تكبيرة الاحرام، وفي الثانية خمس تكبيرات غير تكبيرة القيام، مع رفت اليدين مع كل تكبيرة.
فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في عيد اثنتي عشرة تكبيرة، سبعا في الأولى وخمسا في الاخرة.
ولم يصل قبلها ولا بعدها. رواه أحمد وابن ماجه.
وقال أحمد: وأنا أذهب إلى هذا. وفي رواية أبي داود والدارقطني قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الاخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما».
وهذا القول هو أرجح الاقوال وإليه ذهب أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين والائمة.
قال ابن عبد البر: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق حسان أنه كبر في العيدين سبعا في الأولى وخمسا في الثانية من حديث عبد الله بن عمرو وابن عمر وجابر وعائشة وأبي واقد وعمرو بن عوف المزني.
ولم يرو عنه من وجه قوي ولا ضعيف خلاف هذا، وهو أول ما عمل به. انتهى.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يسكت بين كل تكبيرتين سكنة يسيرة ولم يحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات، ولكن روى الطبراني والبيهقي بسند قوي عن ابن مسعود من قوله وفعله أنه كان يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
وروي كذلك عن حذيفة وأبي موسى.
والتكبير سنة لا تبطل الصلاة بتركه عمدا ولا سهوا.
وقال ابن قدامة: ولا أعلم فيه خلافا، ورجح الشوكاني أنه إذا تركه سهوا لا يسجد للسهو.

.9- الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها:
لم يثبت أن لصلاة العيد سنة قبلها ولا بعدها، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه يصلوم إذا انتهوا إلى المصلي شيئا قبل الصلاة ولا بعدها.
قال ابن عباس: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عيد فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما. رواه الجماعة.
وعن ابن عمر أنه خرج يوم عيد فلم يصل قبلها ولا بعدها وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله، وذكر البخاري عن ابن عباس أنه كره الصلاة قبل العيد.
أما مطلق النفل فقد قال الحافظ ابن حجر في الفتح إنه لمى ثبت فيه منع بدليل خاص إلا إن كان ذلك في وقت الكراهة في جميع الأيام.

.10- من تصح منهم صلاة العيد:
تصح صلاة العيد من الرجال والنساء مسافرين كانوا أو مقيمين جماعة أو منفردين، في البيت أو في المسجد أو في المصلى.
ومن فاتته الصلاة مع الجماعة صلى ركعتين، قال البخاري: باب إذا فاته العيد يصلي ركعتين وكذلك النساء ومن في البيوت والقرى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم «هذا عيدنا أهل الإسلام».
وأمر أنس بن مالك مولاهم ابن أبي عتبة بالزاوية فجمع أهله وبنيه وصلى كصلاة أهل المصر وتكبيرهم.
وقال عكرمة: أهل السواد يجتمعون في العيد يصلون ركعتين كام يصنع الإمام.
وقال عطاء: إذا فاته العيد صلى ركعتين.

.11- خطبة العيد:
الخطبة بعد صلاة العيد سنة والاستماع إليها كذلك.
فعن أبي سعيد قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والاضحى إلى المصلى».
وأول شيء يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، وإن كان يريد أن يقطع بعثا أن يأمر بشئ أمر به ثم ينصرف.
قال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي فجبذت بثوبه فجبذني فارتفع فخطب قبل الصلاة فقلت له: غيرتم والله فقال: أبا سعيد!...قد ذهب ما تعلم فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة متفق عليه.
وعن عبد الله بن السائب قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلاة قال: «إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليهذب» رواه النسائي وأبو داود وابن ماجه.
وكل ما ورد في أن للعيد خطبتين يفصل بينهما الإمام بجلوس فهو ضعيف.
قال النووي: لم يثبت في تكرير الخطبة شئ.
ويستحب افتتاح الخطبة بحمد الله تعالى، ولم يحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هذا.
قال ابن القيم: كان صلى الله عليه وسلم يفتتح خطبه كلها بالحمد لله ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيد بالتكبير، وإنما روى ابن ماجه في سننه عن سعيد، مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يكبر بين أضعاف الخطبة ويكثر التكبير في خطبة العيدين.
وهذا لا يدل على أنه يفتتحها به.
وقد اختلف الناس في افتتاح خطبة العيدين والاستسقاء فقيل: يفتتحان بالتكبير، وقيل تفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار، وقيل يفتتحان بالحمد.
قال شيخ الإسلام تقي الدين: هو الصواب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد فهو أجذم» وكان صلى الله عليه وسلم يفتتح خطبه كلها بالحمد لله، وأما قول كثير من الفقهاء: أنه يفتتح خطب الاستسقاء بالاستغفار وخطبة العيدين بالتكبير فليس معهم فيها سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم البتة، والسنة تقضي خلافه، وهو افتتاح جميع الخطب بالحمد لله.

.12- قضاء صلاة العيد:
قال أبو عمير بن أنس: حدثني عمومتي من الانصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: أغمي علينا هلال شوال وأصبحنا صياما فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم رسول الله أن يفطروا وأن يخرجوا إلى عيدهم من الغد رواه أحمد والنسائي وابن ماجه بسند صحيح.
وفي هذا الحديث حجة للقائلين بأن الجماعة إذا فاتتها صلاة العيد بسبب عذر من الاعذار أنها تخرج من الغد فتصلي العيد.

.13- اللعب واللهو والغناء والأكل في الاعياد:
اللعب المباح، واللهو البرئ، والغناء الحسن، ذلك من شعائر الدين التي شرعها الله في يوم العيد، رياضة للبدن وترويحا عن النفس، قال أنس: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما قال: «قد أبدلكم الله تعالى بهما خيرا منهما يوم الفطر والاضحى» رواه النسائي وابن حبان بسند صحيح.
وقالت عائشة: إن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيد فاطلعت من فوق عاتقه فطأطأ لي منكبيه فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت ثم انصرفت رواه أحمد والشيخان.
ورووا أيضا عنها قالت: دخل علينا أبو بكر في يوم عيد وعندنا جاريتان تذكران يوم بعاث يوما قتل فيه صناديد الاوس والخزرج، فقال أبو بكر: عباد الله أمزمور الشيطان «قالها ثلاثا» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وإن اليوم عيدنا»: ولفظ البخاري قالت عائشة: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش وحول وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم! فأقبل عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «دعهما» فلما غفل غمزتهما فخرجتا، وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب فإما سألت النبي صلى الله عليه وسلم وإما قال: «تشتهين تنظرين؟» فقلت: نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده وهو يقول: «دونكم يا بني أرفدة» حتى إذا ملك قال: «حسبك؟» قلت: نعم قال: «فاذهبي» قال الحافظ في الفتح وروى ابن السراج من طريق أبي الزناد عن عروة عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال يومئذ: «لتعلم يهود المدينة أن في ديننا فسحة، إني بعثت بحنيفية سمحة».
وعند أحمد ومسلم عن نبيشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيام التشريق أيام أكل وشرب، وذكر لله عزوجل».
.14- فضل العمل الصالح في أيام العشر من ذي الحجة:
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله عز وجل من هذه الايام» «يعني أيام العشر» قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع بشئ من ذلك» رواه الجماعة إلا مسلما والنسائي.
وعند أحمد والطبراني عن ابن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الايام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد» وقال ابن عباس في قوله تعالى {ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} هي أيام العشر.
وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما. رواه البخاري.
وكان سعيد ابن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادا شديدا حتى ما يكاد يقدر عليه.
وقال الاوزاعي: بلغني أن العمل في اليوم من أيام العشر كقدر غزوة في سبيل الله يصام نهارها ويحرس ليلها إلا أن يختص امرؤ بشهادة.
قال الاوزاعي: حدثني بهذا الحديث رجل من بني مخزوم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر.» رواه الترمذي وابن ماجه والبيهقي.

.15- استحباب التهنئة بالعيد:
عن جبير بن نفير قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل منا ومنك. قال الحافظ إسناده حسن.

.16- التكبير في أيام العيدين:
التكبير في أيام العيدين سنة.
ففي عيد الفطر قال الله تعالى: {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون} وفي عيد الاضحى قال: {واذكروا الله في أيام معدودات}.
وقال: {كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم} وجمهور العلماء على أن التكبير في عيد الفطر من وقت الخروج إلى الصلاة إلى ابتداء الخطبة.
وقد روي في ذلك أحاديث ضعيفة وإن كانت الرواية صحت بذلك عن ابن عمر وغيره من الصحابة.
قال الحاكم: هذه سنة تداولها أهل الحديث.
وبه قال مالك وأحمد وإسحق وأبو ثور.
وقال قوم التكبير من ليلة الفطر إذا رأوا الهلال حتى يغدوا إلى المصلى وحتى يخرج الإمام.
ووقته في عيد الاضحى من صحيح يوم عرفة إلى عصر أيام التشريق وهي اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجة.
قال الحافظ في الفتح: ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث، وأصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود إنه من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام منى.
أخرجه ابن المنذر وغيره.
وبهذا أخذ الشافعي وأحمد وأبو يوسف ومحمد وهو مذهب عمر وابن عباس.
والتكبير في أيام التشريق لا يختص استحبابه بوقت دون وقت، بل هو مستحب في كل وقت من تلك الايام.
قال البخاري: وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل السوق حتى يرتج منى تكبيرا.
وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الايام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الايام جميعا، وكانت ميمونة تكبر يوم النحر، وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد، قال الحافظ: وقد اشتملت هذه الاثار على وجود التكبير في تلك الايام عقب الصلوات وغير ذلك من الاحوال وفيه اختلاف بين العلماء في مواضع، فمنهم من قصر التكبير على أعقاب الصلوات ومنهم من خص ذلك بالمكتوبات دون النوافل ومنهم من خصه بالرجال دون النساء وبالجماعة دون المنفرد وبالمؤداة دون المقتضية وبالمقيم دون المسافر وبساكن المدن دون القرية: وظاهر اختيار البخاري شمول ذلك للجميع والاثار التي ذكرها تساعده.
وأما صيغة التكبير فالأمر فيها واسع.
وأصح ما ورد فيها ما رواه عبد الرزاق عن سلمان بسند صحيح قال: كبروا: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كيرا.
وجاء عن عمر وابن مسعود: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.