الأحد، 12 فبراير 2012

شخصيات تاريخية - مسلمون - المعتمد على الله الخليفة العباسى


المعتمد على الله

المعتمد بالله (870-892) هو أحمد المعتمد على الله. أبو العبّاس أمير المؤمنين ابن المتوكّل على الله جعفر بن المعتصم بالله محمد بن الرشيد الهاشميّ العّباسيّ.،الذي أعاد الوعي إلى الخلافة العباسية. وأمه رومية اسمها فتيان.
مولده
ولد سنة تسعٍ وعشرين ومائتين بسرَّ من رأى، وأمّه روميّة اسمها فتيان..
عهده والخلافة
لما قتل المهتدي كان المعتمد محبوساً بالجوسق فأخرجوه وبايعوه ثم أنه استعمل أخاه الموفق طلحة على المشرق وصير ابنه جعفراً ولي عهده وولاه مصر و المغرب ولقبه المفوض إلى الله وانهمك المعتمد في اللهو واللذات واشتغل عن الرعية فكرهه الناس وأحبوا أخاه طلحة. وفي أيامه دخلت الزنج البصرة وأعمالها وأخربوها وبذلوا السيف وأحرقوا وخربوا وسبوا وجرى بينهم وبين عسكره عدة وقعات وأمير عسكره في أكثرها الموفق أخوه وأعقب ذلك الوباء الذي لا يكاد يتخلف عن الملاحم بالعراق فمات خلق لا يحصون ثم أعقبه هدات وزلازل فمات تحت الردم ألوف من الناس واستمر القتال مع الزنج من حين تولى المعتمد سنة 256هـ إلى سنة 270هـ فقتل فيها رأس الزنج لعنه الله واسمه بهبوذ وكان ادعى أنه أرسل إلى الخلق فرد الرسالة وأنه مطلع على المغيبات. وذكر الصولي أنه قتل من المسلمين ألف ألف وخمسمائة ألف آدمي وقتل في يوم واحد بالبصرة ثلاثمائة ألف وكان له منبر في مدينة يصعد عليه ويسب عثمان وعلياً ومعاوية وطلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم. وكان ينادي على المرأة العلوية في عسكره بدرهمين وثلاثة وكان عند الواحد من الزنج العشر من العلويات يطؤهن ويستخدمهن. ولما قتل هذا الخبيث دخل برأسه بغداد على رمح وعملت قباب الزينة وضج الناس بالدعاء للموفق ومدحه الشعراء وكان يوماً مشهوداً وأمن الناس وتراجعوا إلى المدن التي أخذها وهي كثيرة كواسط ورامهرمز.
حكمه
قام هو وأخوه الموفق نشر الخلافات بين نفوذ الأتراك لإعادة الخلافة العباسي إلى سابق عهدها كما فعل المهتدي بالله قبل خلعه، وقام الموفق للتصدي لثورة الزنج، بينما هو كان يتصدى للثورة، حاول الخليفة أن ينقل الخلافة العباسية إلى مصر التي كانت تحكمها الدولة الطولونية التي أسسها أحمد بن طولون خشية أن يكون تحت إمرة أخيه الموفق، ولكن الموفق علم بالأمر فأمر بإرجاعه إلى بغداد.

حدث في خلافته
  • في سنة 260هـ وقع غلاء مفرط بالحجاز والعراق وبلغ كر الحنطة في بغداد مائة وخمسين ديناراً وفيها أخذت الروم بلد لؤلؤة.
  • في سنة إحدى وستين 261هـ بايع المعتمد بولاية العهد بعده لابنه المفوض إلى الله جعفر ثم من بعده لأخيه الموفق طلحة وولى ولده المغرب و الشام و الجزيرة و أرمينية وولي أخاه المشرق والعراق وبغداد والحجاز و اليمن و فارس و أصبهان و الري و خراسان و طبرستان و سجستان و السند وعقد لكل منهما لواءين أبيض وأسود وشرط إن حدث به حدث أن الأمر لأخيه إن لم يكن ابنه جعفر قد بلغ وكتب العهد وأنفذه مع قاضي القضاه ابن أبي الشوارب ليعلقه في الكعبة. وفي سنة ست وستين وصلت عساكر الروم إلى ديار بكر ففتكوا وهرب أهل الجزيرة والموصل وفيها وثب الأعراب على كسوة الكعبة فانتهبوها.
  • في سنة 267هـ استولى أحمد بن عبد الله الحجابي على خراسان و كرمان و سجستان وعزم على قصد العراق وضرب السكة باسمه وعلى الوجه الآخر اسم المعتمد وهذا محل الغرابة ثم إنه في آخر السنة قتله غلمانه فكفى الله شره.
  • في سنة 269هـ اشتد تخيل المعتمد من أخيه الموفق فإنه كان خرج عليه في سنة 264هـ ثم اصطلحا فلما اشتد تخيله منه هذا العام كاتب المعتمد ابن طولون نائبه بمصر واتفقا على أمر فخرج ابن طولون حتى قدم دمشق وخرج المعتمد من سامرا على وجهه التنزه وقصده دمشق فلما بلغ ذلك الموفق كتب إلى إسحاق بن كنداج ليرده فركب ابن كنداج من نصيبين إلى المعتمد فلقيه بين الموصل والحديثة فقال يا أمير المؤمنين أخوك في وجه العدو وأنت تخرج عن مستقرك ودار ملكك ومتى صح هذا عنده رجع عن مقاومة الخارجي فيغلب عدوك على ديار آبائك وفي كلمات أخر ثم وكل بالمعتمد جماعة ورسم على طائفة من خواصه ثم بعث إلى المعتمد يقول ما هذا بمقام فارجع فقال المعتمد: فاحلف لي أنك تنحدر معي ولا تسلمني فحلف له وانحدر من سامرا فتلقاه صاعد بن مخلد كاتب الموفق فسلمه إسحاق إليه فأنزله في دار احمد بن الخصيب ومنعه من نزول دار الخلافة ووكل به خمسمائة رجل يمنعون من الدخول إليه ولما بلغ الموفق ذلك بعث إلى إسحاق بخلع وأموال وأقطعه ضياع القواد الذين كانوا مع المعتمد ولقبه ذا السندين ولقب صاعداً ذا الوزارتين وأقام صاعد في خدمة المعتمد ولكن ليس للمعتمد حل ولا ربط وهو أول خليفة قهر وحجر عليه ووكل به ثم أدخل المعتمد واسط ولما بلغ ابن طولون ذلك جمع الفقهاء والقضاة والأعيان وقال قد نكث الموفق بأمير المؤمنين فاخلعوه من العهد فخلعوه إلا القاضي بكار بن قتيبة فإنه قال أنت أوردت على المعتمد كتاباً بولايته العهد فأورد على كتاباً آخر منه بخلعه فقال إنه محجور عليه ومقهور فقال لا أدري فقال ابن طولون غرك الناس بقولهم ما في الدنيا مثل بكار وبلغ الموفق ذلك فأمر بلعن ابن طولون على المنابر.
  • في شعبان من سنة 270هـ أعيد المعتمد إلى سامرا ودخل بغداد ومحمد بن طاهر بين يديه بالحربة والجيش في خدمته كأنه لم يحجر عليه ومات ابن طولون في هذه السنة فولى الموفق ابنه أبا العباس أعماله وجهزه إلى مصر في جنود العراق وكان خمارويه بن أحمد بن طولون أقام على ولايات أبيه بعده فوقع بينه وبين أبي العباس ابن الموفق وقعه عظيمة بحيث جرت الأرض من الدماء وكان النصر للمصريين. وفي هذه السنة انبثق ببغداد في نهر عيسى بثق فجاء الماء إلى الكرخ فهدم سبعة آلاف دار. وفيها نازلت الروم طرسوس في مائة ألف فكانت النصرة للمسلمين وغنموا ما لا يحصى وكان فتحاً عظيماً عديم المثل. وفيها ظهرت دعوة المهدي عبيد الله بن عبيد جد بني عبيد خلفاء المصريين الروافض في اليمن وأقام على ذلك إلى سنة ثمان وسبعين فحج تلك السنة واجتمع بقبيلة من كتامة فأعجبهم حاله فصحبهم إلى مصر ورأى منهم طاعة وقوة فصحبهم إلى المغرب فكان ذلك أول شأن المهدي.
  • في سنة 271هـ قال الصولي: ولي هارون بن إبراهيم الهاشمي الحسبة فأمر أهل بغداد أن يتعاملوا بالفلوس فتعاملوا بها على كره ثم تركوها.
  • في سنة 278هـ غار نيل مصر فلم يبق منه شيء وغلت الأسعار وفيها مات الموفق واستراح منه المعتمد. وفيها ظهرت القرامطة بالكوفة وهم نوع من الملاحدة يدعون أنه لا غسل من الجنابة وأن الخمر حلال ويزيدون في آذانهم وأن محمد بن الحنفية رسول الله وأن الصوم في السنة يومان يوم النيروز ويوم المهرجان وأن الحج والقبلة إلى بيت المقدس وأشياء أخرى ونفق قولهم على الجهال وأهل البر وتعب الناس بهم.
  • في سنة 279هـ ضعف أمر المعتمد جداً لتمكن أبي العباس بن الموفق من الأمور وطاعة الجيش له فجلس المعتمد مجلساً عاماً وأشهد فيه على نفسه أنه خلع ولده المفوض من ولاية العهد وبايع لأبي العباس ولقبه المعتضد وأمر المعتضد في هذه السنة أن لا يقعد في الطريق منجم ولا قصاص واستحلف الوراقين أن لا يبيعوا كتب الفلاسفة والجدل.
مات في عهده
ممن مات في أيامه من الأعلام: البخاري و مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجه و الربيع الجيزي و الربيع المرادي و المزني و يونس بن عبد الأعلى و الزبير بن بكار و أبو الفضل الرياشي و محمد بن يحيى الذهلي و حجاج بن يوسف الشاعر و العجلي الحافظ وقاضي القضاة ابن أبي الشوارب و محمد بن عبد الله بن عبد الحكم و ابن دارة و بقي بن مخلد و ابن قتيبة و أبو حاتم الرازي وآخرون.
من الأشعار التي قيلت فيه
  • قول عبد الله بن المعتز في المعتمد يمدحه:
يا خير من تزجى المطي له ... ويمر حبل العهد موثقه.
أضحى عنان الملك مقتسراً ... بيديك تحبسه وتطلقه.
فاحكم لك الدنيا وساكنها ... ما طاش سهم أنت موفقه
من أشعاره
قال المعتمد:
أليس من العجائب أن مثلي ... يرى ما قل ممتنعاً عليه.
وتؤخذ باسمه الدنيا جميعا ... وما من ذاك شيء في يديه.
إليه تحمل الأموال طراً ... ويمنع بعض ما يجبى إليه.
ومن شعره لما حجر عليه:
أصبحت لا أملك دفعاً لما ... أسام من خسف ومن ذلة تمضي أمور.

وفاته
توفي المعتمد بالله عام 892م ليلة الاثنين لإحدى عشرة بقيت من رجب سنة 279هـ فحمل ودفن بسامراء. فقيل إنه سم وقيل بل نام فغم في بساط وكانت خلافته ثلاثة وعشرين سنة وتولى من بعده الخلافة المعتضد بالله لقد أصاب المؤرخين في تسمية عصر المعتمد بالله بصحوة الخلافة العباسية.