النثر العربى ومفهومه
النثر هو نوع من الكتابة يختلف عن الشعر بتنوعه الكبير في الألحان واقترابه من الأحاديث اليومية.
وهو أحد قسمي الأدب الرئيسيين " الشعر والنثر " … يتميز عن الشعر بخلوصه من كل قيد إلا قيد سلامة اللغة ، واستقامة المعنى ، وجودة التعبير ، أما الإيقاع الموسيقي وأما الوزن والقافية فالنثر عاطل عنها ، لغلبة العقل والمنطق عليه ولأن المقصود منه في الأساس حسن إيصال المعنى إلى فهم السامع أو القارىء ، وهو أنواع ثلاثة : النثر الأدبي " الخطبة ، والأقصوصة ، والرواية ، والمسرحية … الخ " ، والنثر العلمي ، والنثر الفلسفي.
النثر وأهميته
1- تعريف النثر لغة: من نثر الشيء بيده أي رماه بيده متفرقاً
2- تعريف النثر اصطلاحا": هو الكلام غير المنظوم .
3- للنثر مكانة أكبر من الشعر والسبب:
أ- لأنه الفن الأوسع والأقدر على تسجيل خلجات النفس بشكل تلقائي دون قواعد أو شروط نظم.
ب- إن المشاعر الإنسانية لا يمكن أن تنظم كلها شعراً .
4- أهمية النثر: إنه يلبي متطلبات الحياة من الكتابة الفنية من (الرسائل –العقود – الصكوك – المواثيق – الخطب – الحوارات – الأخبار –المعارف ). سواءً في الورق أو على الأشرطة الصوتية أو شبكات الانترنت.
النثر عبر العصور
1- حالة النثر في العصر المملوكي والعثماني :
أ- كان مثقلاً بقيود الصنعة ب- تركيز الكاتب على السجع والجناس والطباق على حساب المعنى.
ج- غلب عليه التقليد فسميت المرحلة بمرحلة التقليد د- عدم اهتمام العثمانيين بالأدب العربي أدى إلى نضوب القرائح والعجز عن الإبتكار هـ- الاهتمام بالمقدمات الشكلية الزائفة و- تمثُل أسلوب المقامات في الصنعة والقياس والغريب .
2- حال النثر في العصر العباسي :
أ- اتسم بالقوة خاصة عند الجاحظ وابن المقفع ب- سهولة العبارة وجزالتها .
3- الفن النثري الذي اتسم بالإيغال في الصنعة وذيوع الألفاظ الغريبة هو: المقامات
4- تعريف المقامة : هي حكاية خيالية تحقق المتعة يغلب عليها الصنعة واللفظ الغريب ظهرت في العصر العباسي.
5- تخلص النثر من التقليد وصولاً إلى الصورة الجديدة المعروفة: كل ذلك كان بعد أن مر بمرحلتين .
أ- المرحلة الأولى
1- اهتمام كُتاب المرحلة الأولى :
أ- الاعتناء بالفكرة ب- ارتباط الكتابة تدريجياً بقضايا المجتمع.
2- رواد الكتابة النثرية في هذه المرحلة:
أ- رفاعة الطهطاوي وكتابه ( تخليص الإبريز في تخليص باريز).
ب- المويلحي وكتابه ( حديث عيسى بن هشام ) .
ج- نصيف اليازجي وكتابه (مجمع البحرين ) .
3- عيوب هذه المرحلة :
أ- عدم تخلص الكُتاب من الصنعة بشكل كلي ب- عدم تخلص الأداء اللغوي من مظاهر الضعف .
ج-عدم سلامة اللفظ من التعقيد إلا القليل منه .
4- أكثر كٌتاب هذه المرحلة ليناً هو : (المويلحي ) ونقصد هنا اللين في اللغة .
5- سبب شهرة اليازجي هو: كتابه ( مجمع البحرين ).
ب- المرحلة الثانية
1- اهتم كُتاب هذه المرحلة بالأتي :
أ- الاهتمام بالفكرة
ب- إيثار المضمون على الشكل.
ج- التخفيف من الصنعة .
د- الانطلاق في العبارة .
هـ- ترتيب الأفكار
و- التخلص من المقدمات الشكلية
ز- الانطلاق بالكتابة نحو المجتمع ومشكلاته السياسية والاجتماعية .
2- كُتاب هذه المرحلة : (جمال الدين الأفغاني) و(محمد عبده ) و (عبد الرحمن الكواكبي ).
3- دور المدارس المدنية الحديثة على النثر: كان دورها في تخريج بعض النابغين الذين وجدوا تشابهاً بين الأساليب الغريبة وطريقة ابن خلدون.
4- سبب إيثار رواد التجديد لطريقة ابن خلدون في (مقدمته ): لجريان طريقته مع الطبع وملاءمتها لروح العصر .
5- بسبب اتساع دائرة التجديد انقسم المجددون إلى تيارين متباينين هما: أ- تيار الإحياء العربي. ب- تيار الثقافة الغربية.
أ- تيار الإحياء العربي
1- استمداد ثقافتهم: استمد كتاب هذا التيار ثقافتهم من الثقافة العربية بصورة أساسية .
2- الكتاب الذين يمثلون هذا التيار مصطفى المنفلوطي ) و( مصطفى الرافعي ) و(عبد العزيز البشري) و(شكيب أرسلان) و( أحمد الزيات ).
3- سمات كتاباتهم :
أ- العناية باللغة. ب- عمق الفكرة. ج- الدفاع عن أمجاد الماضي. د- الدفاع عن تقاليده الفنية السليمة. هـ- الاهتمام بتصوير الآفات الاجتماعية. و- محاولة علاج وإصلاح كل ذلك.
ب - الثقافة الغربية
1- استمداد ثقافتهم: أستمد هذا التيار ثقافته عن الثقافة الغربية.
2- سمات كتاباتهم : أ- جدة الفكرة ب- عمق الفكرة.
ج- الميل إلى السهولة في التعبير د- مراعاة الدقة والقوة .
هـ- ظهور فنون نثرية جديدة كالقصة والمسرحية و- الأسلوب الرفيع في الكتابات والبحوث .
ز- مجيئ بحوثهم وكتاباتهم بمنهج علمي واضح .
3- رواد هذا التيار: ( أمين الريحاني ) و ( المازني ) و ( محمد حسين هيكل ) و(عباس العقاد) ( أحمد أمين ) و ( طه حسين ) و (محمود تيمور ) و (توفيق الحكيم و ( ميخائيل نعيمة ) .
3- الفنون النثرية
1- فنون النثر في العصر (الجاهلي) و(الإسلامي) و ( الأموي) هي: الأمثال , الحكم , الوصايا , الخطب , القصص , الرسائل الديوانية والإخوانية .
2- فنون النثر في العصر العباسي: نفس الفنون السابقة مضاف إليها المقامات والتوقيعات .
3- فنون النثر في العصر المملوكي والعثماني: ظلت كما هي في العصر العباسي.
4- تطور الفنون النثرية : أ- تطورت في مضمونها بما يناسب كل عصر .
ب- تنوع الأمثال والحكم وانعكاسها على البيئات والمستويات .
ج- تنوع الخطب وانعكاسها على كل البيئات والمستويات .
5- الفنون النثرية في العصر الحديث: (المقالة ) و ( القصة ) و ( المسرحية النثرية ) و (الخاطرة ) .
6- العامل الرئيسي في انتشار الفنون الجديدة هو: الطباعة والصحافة فظهرت المقالة , والقصة,والمسرحية , والخاطرة
أ- المقالة :
1- تعريفها: قطعة نثرية متوسطة الطول , تكتب بتلقائية , وبمستوى لغوي مفهوم لقطاع كبير من الناس .
2- ظهورها حديثاً: ظهرت في العصر الحديث كفن نثري جديد وافد من الأدب الغربي
3- امتداد المقالة: (أصلها في أدبنا العربي ) : منهم من يرى أنها امتداد للخاطبة والرسائل والكتابة .
4- الفرق بين (الخطابة والرسائل والكتابة ) من جهة (والمقالة العصرية ) من جهة أخرى :
- أن الرسائل والخطابة والكتابة توجه من الكاتب لشخصية معينة أو لأناس محدودين
- بينما المقالة العصرية توجه لجميع القراء في ظل وجود الصحافة .
5- أنواع المقالة: مقالة سياسية , اجتماعية , أدبية , علمية ... الخ .
6- المقالة وليدة الصحافة ولتوضيح هذا القول نقول: إن وجود الصحافة والتي هي نتيجة للطباعة أسهمت في إيصال المقالة للناس جميعاً.
7- ظهور الصحافة العربية: بداية في مصر ثم في الشام وسبب هذه البداية هو وجود المطابع مثل المطبعة التي أحضرها (نابليون)أو(مطبعة بولاق).
ب- القصة
1- علاقة القصة في تراثنا بالقصة في العصر الحديث: القصة في تراثنا مثّلتها المقامات لكن وجودها كان شفهياً في الغالب,وتبقى مقامات(الحريري)و(الهمداني) أولى تجارب القصة في تاريخ الأدب العربي.
2- ظهور القصة حديثاً: تعد القصة فناً وافداً إلينا من الأدب الغربي .
3- عناصر القصة وقيامها: تقوم على ثلاثة عناصر هي (السرد الوصف , الحوار) وإن غلب عليها الحوار والوصف .
4- تطور القصة حديثاً: تطورت تطوراً سريعاً حتى أصبحت فناً حضرياً مرتبطاً بالعمران والمدنية .
5- أنواع القصة: القصة , القصة القصيرة , (أقصوصة ) , (الرواية ) .
6- ظهور بواكير القصة: ظهرت بكتابات اللبنانيين مثل (فرانسيس مراش) المتوفي عام 1873م , و( سليم البستاني) المتوفي عام 1884م , ومثل (جرجي زيدان ) المتوفي عام 1914م .
7- سبب أسبقية لبنان في مجال القصة: وذلك لسبق اللبنانين في مخالطة الأوربيين ثم تبعهم المصريون .
8- ظهرت القصة العربية على مرحلتين: أ- مرحلة الترجمة ( ترجمة دقيقة من اللغات الأوربية وبعضها مجرد اقتباس) .
ب- مرحلة التأليف : وهي أعمال قصصية معبرة عن المجتمع العربي ) .
9- أمثلة على القصص المترجمة: بداية الأعمال القصصية والروائية ( البؤساء ) لحافظ إبراهيم و( آلام فرتر) للزيات, (ابن الطبيعة ) للمازني و ( الفضيلة ) للمنفلوطي وهي قصص مقتبسة من الأدب العربي.
10- أمثلة على القصص المؤلفة : (زينب ) لمحمد حسين هيكل , (الأيام) لطه حسين , (سارة ) للعقاد , (إبراهيم الكاتب) للمازني , و(أهل الكهف) لتوفيق الحكيم و (بداية ونهاية) لنجيب محفوظ .
11- انتهاء عصر المقامات: انتهى عصرها بسبب ذهاب الصنعة اللفظية من أدبنا العربي .
12- آخر من قلد المقامات :
1- نصيف اليازجي (مجمع البحرين )
2- محمد المويلحي (حديث عيسى بن هشام).
3- حافظ إبراهيم (ليالي سطيح ) .
13- القصة في اليمن: كانت بدايتها في الخمسينات ممثلة بالكثير من كتاب القصة أمثال : أحمد البراق , محمد علي لقمان , محمد سالم باوزير , حسين سالم با صديق , عبد الله سالم با وزير , علي باذيب , أحمد محفوظ عمر , صالح الدحان , علي محمد عبده.
14- أشهر كتاب القصة في اليمن : أ- (محمد عبد الولي ) ومن أعماله رواية (يموتون غرباء) .
ب- (زيد مطيع دماج)ومن أعماله(الرهينة)المترجمة إلى الفرنسية والإنجليزية ونشرت في مشروع(كتاب في جريدة).
أسس بلاغية: التشبيه الضمني ماكان في المشبه به دليلاً على المشبه ولا يكون التشبيه في صوره المعروفة، بل يلمح لمحاً
ج- المسرحية
1- تعريفها: لون حكائي قصصي يغلب عليه الحوار وتؤدى تمثيلياً على خشبة المسرح .
2- امتداد المسرح النثري: تعد المسرحية فناً وافداً من الأدب الغربي على أدبنا العربي .
3- معرفة مصر للمسرح: منذ دخول الحملة الفرنسية مصر عام 1798م عندما أقاموا لهم في (الأُزبكية) مسرحاً لهم مثلوا فيه.
4- بداية المسرح في الشام: كانت بدايته بواسطة (مارون النقاش) اللبناني والذي كان تاجراً محباً للثقافة فقدم مسرحية (البخيل ) لموليير في بيته في بيروت عام 1847م,ثم بواسطة(جورج أبيض) الذي انتقل من لبنان إلى مصر ليواصل رحلة المسرح العربي .
5- معرفة العرب للمسرح: عرف العرب في العصر العباسي شكلاً من أشكال المسرح هو : مسرح (خيال الظل) .
6- أشهر كتاب المسرح: في مصر : ( نعمان عاشور ) و (الفريد فرح ) و (توفيق الحكيم ) وفي سوريا: (سعد الله ونوس).
د- الخاطرة
1- تعريفها:مقالة انفعالية ذاتية لا تقريرية كالمقال العادي,إنها خاطرة شعورية,استرسلت بها مشاعر الكاتب,لا فكرة ذات قصة يراد بحثها.
2- فكرتها: إذا حوت الخاطرة على فكرة فلا تكون فكرة ذهنية تعرض للبحث والنقاش .
3- ما يقابلها في الشعر: إن ما يقابل الخاطرة النثرية في الشعر هي القصيدة الغنائية .
4- وظيفة الخاطرة: عرض التجارب الشعورية التي تناسبها .
يقول ابن وهب: (واعلم أن الشعر أبلغ البلاغة...)
ويقول الكاتب المفكر مسكويه: ( فكذلك النظم والنثر يشتركان في الكلام الذي هو جنس لهما، ثم ينفصل النظم عن النثر بفضل الوزن الذي به صار المنظوم منظوما. ولما كان الوزن حلية زائدة وصور فاضلة على النثر صار الشعر أفضل من النثر من جهة الوزن. فإن اعتبرت المعاني كانت المعاني مشتركة بين النظم والنثر. وليس من هذه الجهة تميز أحدهما من الآخر...)
إن هذه النظرة الجزئية للنثر ـ كما رأيناها في الأقوال السابقة ـ تؤكد موقف النقاد القدامى السلبي من النثر، فهي نظرة جزئية انصرفت على الشكل دون اللُب، إلى الصورة دون الحقيقة والمعنى، وهي التي حالت دون التبلور التام لمفهوم النثر الفني عند القدامى، حتى أن الكتّاب العرب من مفكرين وفلاسفة وقصّاصين ونقاد كانوا يمارسون النثر الفني دون وعي واضح دقيق لمزيّة الفن المتوفرة في كتاباتهم ودون أن يُعترف بفضلهم.
ويقول
الجاحظ:( وقد نُقلت كتب الهند،وتُرجمت حكم اليونانية، وحُولت آداب الفرس، فبعضها ازداد حسنا، وبعضها ما انتقص شيئا؛ ولو حُوّلت حكمة العرب لم يجدوا في معانيها شيئا لم تذكره العجم في كتبهم التي وضعت لمعاشهم وحكمهم،ولبطل ذلك المعجز، وقد نقلت هذه الكتب من أمة إلى أمة ، ومن قرن إلى قرن، ومن لسان إلى لسان حتى انتهت إلينا، وكنا آخر من ورثها ونظر فيها، فقد صح أن الكتب ( أي كتب النثر) أبلغ في تقييد المآثر من الشعر.)
ويقول أبو حيان: ( وأحسن الكلام ما رق لفظه ولطف معناه... وقامت صورته بين نظم كأنه نثر، ونثر كأنه نظم)، ويقول أيضا: ( إذا نظر في النظم والنثر على استيعاب أحوالهما وشرائطهما .. كان أن المنظوم فيه نثر من وجه، والمنثور فيه نظم من وجه، ولولا أنهما يستهمان هذا النعت لما ائتلفا ولا اختلفا)
يُعد أبو حيان أول من اهتدى إلى حقيقة النثر الفني وحلل مقوماته الجوهرية تحليلا يتصف، على إيجازه، بالدقة والعمق، كذلك بيّن أهمية كل من عنصري العقل والموسيقى في النثر الفني، ومن رأي التوحيدي أن الشعر لا يختص وحده بالموسيقى والخيال، بل هما قدر مشترك بين الشعر والنثر الفني ، والفرق بين النوعين من الكلام نسبي أما الجوهر فواحد