أم ورقة
قالت للنبى ( عند الخروج إلى بدر: يا رسول اللَّه ائذن لى فى الغزو معك، أُمَرِّضُ مرضاكم؛ لعل اللَّه أن يرزقنى شهادة. فقال لها (: "قرى فى بيتك، فإن الله تعالى يرزقك الشهادة" [أبو داود].
وتلك نبوءة نبَّأ بها رسولَ اللَه ( العليمُ الخبير، فعُرفت بعد ذلك رضى اللَّه عنها بالشهيدة.
أسلمت وحسن إسلامها، وكانت تحافظ على الصلاة، ودروس العلم، وحفظ القرآن الكريم، وتحرص على جمع آياته، وكان ( يقصدها فى زياراته لبيوت الأنصار، ويطمئن على صحتها وحالها. ورغم ما يُروى عن ثراء بيتها إلا أنها كانت تفيض حبَّا للناس وتواضعًا.
وما إن أمرها النبي ( بأن تظل فى بيتها -حين سألته الخروج للجهاد- حتى بادرت بالطاعة وحسن الاستماع لكلامه.
وقد اشتهرت أم ورقة بالعبادة والزهد وتلاوة القرآن، وكانت قد استأذنت النبي ( أن تتخذ فى دارها مؤذنًا، فأذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها وتصلى بهم، فكانت تؤمّ المؤمنات المهاجرات [أبو داود]، وكان ( حين يريد أن يزورها يقول لأصحابه -رضى اللَّه عنهم-: "انطلقوا بنا نزور الشهيدة" [ابن عبد البر فى الاستيعاب]
كانت مرجعًا أمينًا، عاد إليه الخليفة أبو بكر الصديق عند جمعه القرآن الكريم من البيوت وصدور الحفظة.
ولما كان رسول اللَّه ( لا ينطق عن الهوى، فكان لابد من وقوع ما أُخبر به، ففى خلافة الفاروق عمر -رضى الله عنه- كان لدى أم ورقة جارية وغلام يقومان بخدمتها، فأحسنت إليهما، غير أنه لم يكن منهما سوى الغدر والخيانة؛ فقاما فى الليل فقتلاها ثم هَرَبَا. فلما أصبح عمر قال: واللَّه ما سمعت قراءة خالتى أم ورقة البارحة، فدخل الدار فلم ير شيئًا، فدخل البيت (مكان الصلاة)، فإذا هي ملفوفة فى جانب البيت فأرسل فى طلب العبدين الهاربين، فَصُلِبَا فى المدينة على ما ارتكباه من الإثم، فكانا أول مصلوبين فى المدينة. فكان عمر بن الخطاب يقول: صدق رسول اللَّه ( حين قال: "انطلقوا بنا نزور الشهيدة" [ابن عبد البر].
إنها "أم ورقة" بنت عبد اللَّه بن الحارث بن عُويمر بن نوفل الأنصارية ويقال لها: أم ورقة بنت نوفل .