الخميس، 22 نوفمبر 2012

موسوعة الأخلاق الإسلامية : الحقد

الحقد

معنى الحقد لغة واصطلاحاً:
معنى الحقد لغة:
الحِقْدُ: الضِغْن، والجمع أَحْقادٌ. وتقول: حَقَدَ عليه يَحْقِد حِقْداً، وحَقِد عليه بالكسر حَقَداً لغة. وأَحْقَدَهُ غيره. ورجل حَقود (1).
وقال ابن منظور: (الحقد إمساك العداوة في القلب والتربص لفرصتها. والحقد: الضغن، والجمع أحقاد وحقود) (2).
معنى الحقد اصطلاحاً:
هو إضمار الشر للجاني إذا لم يتمكن من الانتقام منه فأخفى ذلك الاعتقاد إلى وقت إمكان الفرصة (3).
وقال الجرجاني الحقد هو (سوء الظن في القلب على الخلائق لأجل العداوة) (4).

(1) ((الصحاح)) للجوهري (2/ 466).
(2) ((لسان العرب)) لابن منظور (3/ 154).
(3) ((تهذيب الأخلاق)) للجاحظ (ص 33).
(4) ((التعريفات)) للجرجاني (ص 91).

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الألفاظ المترادفة للحقد
هناك ألفاظ عديدة وردت بمعنى الحقد بمعناه الاصطلاحي، فيقال مثلاً: (في صدره علي حقد، وضغن، وضغينة، وإحنة، ودمنة، وغل، وغمر، ووغر، ووغم، وحزازة، وطائلة، وغائلة، وحسيفة، وحسيكة، وسخيمة) (1).

(1) ((نجعة الرائد)) لليازجي (1/ 272).

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الفرق بين الموجدة والحقد
ذكر ابن القيم فروقا بين الموجدة والحقد فقال: (أن الوجد: الإحساس بالمؤلم والعلم به وتحرك النفس في رفعه فهو كمال.
وأما الحقد فهو إضمار الشر وتوقعه كل وقت فيمن وجدت عليه فلا يزايل القلب أثره.
وفرق آخر: وهو أن الموجدة لما ينالك منه والحقد لما يناله منك فالموجدة وجد ما نالك من أذاه.
والحقد توقع وجود ما يناله من المقابلة، فالموجدة سريعة الزوال والحقد بطيء الزوال والحقد يجيء مع ضيق القلب واستيلاء ظلمة النفس ودخانها عليه بخلاف الموجدة فإنها تكون مع قوته وصلابته وقوة نوره وإحساسه) (1).

(1) ((الروح)) لابن القيم (ص 251).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذم الحقد في القرآن والسنة
ذم الحقد في القرآن الكريم:
من الناس من يحمل نفساً مظلمة، وقلبا أسود، لا يعرف للعفو طريقا، ولا للصفح سبيلا، فبمجرد أدنى إساءة تقع في حقه من أحد إخوانه تجده يحقد عليه ولا يكاد ينسى إساءته مهما تقادم العهد عليها، فتجده يتربص بصاحبه الدوائر، وينتظر منه غرة، لينفذ إليه منها، ويصيبه من خلالها، فيشفي غيظه ويروي غليله (1).
- قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ [البقرة: 204 - 205].
- وقال سبحانه: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ [الأعراف: 43].
- وقال عز وجل: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ [الحجر: 47 - 48].
قال الطبري: (وأذهبنا من صدور هؤلاء الذين وَصَف صفتهم، وأخبر أنهم أصحاب الجنة، ما فيها من حقد وغِمْرٍ وعَداوة كان من بعضهم في الدنيا على بعض، فجعلهم في الجنة إذا أدخلوها على سُرُر متقابلين، لا يحسد بعضهم بعضًا على شيء خصَّ الله به بعضهم وفضّله من كرامته عليه، تجري من تحتهم أنهار الجنة) (2).
وقال القرطبي: (ذكر الله عز وجل فيما ينعم به على أهل الجنة نزع الغل من صدورهم. والنزع: الاستخراج والغل: الحقد الكامن في الصدر. والجمع غلال) (3).
وقال السعدي: (وهذا من كرمه وإحسانه على أهل الجنة، أن الغل الذي كان موجودا في قلوبهم، والتنافس الذي بينهم، أن الله يقلعه ويزيله حتى يكونوا إخوانا متحابين، وأخلاء متصافين ... ويخلق الله لهم من الكرامة ما به يحصل لكل واحد منهم الغبطة والسرور، ويرى أنه لا فوق ما هو فيه من النعيم نعيم. فبهذا يأمنون من التحاسد والتباغض، لأنه قد فقدت أسبابه) (4).
(ولما كانت الجنة دار سعادة ونعيم عام وشامل كان لا بد لأصحابها من أن يكونوا مبرئين من كل حقد وغل، ومن كل علة خلقية تسبب لهم آلاما وأكداراً، وقد وصف الله أهل دار النعيم يوم القيامة بأنهم مبرؤون من كل غل، وما كان من غل في صدورهم في الدنيا فإن الله ينزعه منها متى دخلوا الجنة) (5).
ذم الحقد في السنة النبوية:
إن الحقد حمل ثقيل يتعب حامله، يحمله الجاهل في صدره فيشقي به نفسه ويفسد به فكره، ويشغل به باله، ويقض به مضجعه، ويكثر به همه وغمه، إنه كحمل من أحمال الشوك الملتهب الحار، المحشو بصخور ثقيلة محمية تنفث السموم التي تلتهب منها الصدور، ويظل الجاهل الأحمق يحمل هذا الحمل الخبيث مهما حل أو ارتحل، حتى يشفي حقده بالانتقام ممن يحقد عليه (6).
- فعن جابر رضي الله عنه قال: ((تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فمن مستغفر فيغفر له، ومن تائب فيتاب عليه، ويرد أهل الضغائن بضغائنهم حتى يتوبوا)). قال المنذري: الضغائن: هي الأحقاد (7).

(1) ((الهمة العالية)) لمحمد الحمد (ص 55).
(2) ((جامع البيان)) للطبري (12/ 438).
(3) ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (7/ 208).
(4) ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص 289).
(5) ((الأخلاق الإسلامية)) لعبد الرحمن الميداني (1/ 726).
(6) ((الأخلاق الإسلامية)) لعبد الرحمن الميداني (1/ 723).
(7) رواه الطبراني في ((الأوسط)) (7/ 251). قال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (3/ 307): رواته ثقات. وقال الهيثمي في ((المجمع)) (8/ 66): رجاله الثقات.

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
 وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: ((قال رسول الله؟: ثلاث من لم يكن فيه واحدة منهن، فإن الله يغفر له ما سوى ذلك لمن يشاء: من مات لا يشرك بالله شيئا، ولم يكن ساحرا يتبع السحرة، ولم يحقد على أخيه)) (1).
- وعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: ((كنا جلوسا مع رسول الله؟ فقال: يطلع الآن عليكم رجل من أهل الجنة، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد علق نعليه بيده الشمال، فلما كان الغد قال النبي؟ مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي؟ مثل مقالته أيضا، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأول، فلما قام النبي؟ تبعه عبد الله بن عمرو، فقال: إني لا حيت أبي، فأقسمت أني لا أدخل عليه ثلاثا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت. قال: نعم. قال أنس: فكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الثلاث الليالي فلم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه إذا تعار تقلب على فراشه ذكر الله عز وجل، وكبر حتى لصلاة الفجر. قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الثلاث الليالي، وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبد الله لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجرة، ولكن سمعت رسول الله؟ يقول لك ثلاث مرات: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فطلعت أنت الثلاث المرات، فأردت أن آوي إليك، فأنظر ما عملك، فأقتدي بك، فلم أرك عملت كبير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله؟؟ قال: ما هو إلا ما رأيت، فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك. وفي رواية البزار- سمى الرجل المبهم سعدا- وقال في آخره: فقال سعد: ما هو إلا ما رأيت يا ابن أخي إلا أني لم أبت ضاغنا على مسلم. أو كلمة نحوها)) (2).
- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر)) (3).
- وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: ((قيل يا رسول الله، أي الناس أفضل؟ قال: كل مخموم القلب صدوق اللسان، قيل صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي، ولا غل ولا حسد)) (4).

(1) رواه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (12/ 243)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (4/ 99). وضعفه الألباني في ((ضعيف الترغيب)) (1653).
(2) رواه أحمد (3/ 166) (12720)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (9/ 318) (10633)، والبيهقي في ((الشعب)) (9/ 7) (6181). قال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (3/ 348): إسناده على شرط البخاري ومسلم. وقال العراقي في ((تخريج الإحياء)) (ص1085): إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقال الهيثمي في ((المجمع)) (8/ 79): رجاله رجال الصحيح.
(3) رواه أبو داود (4860)،والترمذي (3896)، وأحمد (1/ 395) (3759). قال الترمذي: غريب من هذا الوجه. وضعفه الألباني في ((ضعيف الجامع)) (6322).
(4) رواه ابن ماجه (4216)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (59/ 451). وصحح إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (4386)، والألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (948).

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أقوال في ذم الحقد
- قال: عثمان رضي الله عنه: (ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله- عز وجل- على صفحات وجهه وفلتات لسانه) (1).
- وقال زيد بن أسلم رضي الله عنه: (دخل على أبي دجانة وهو مريض، وكان وجهه يتهلل، فقيل له: ما لوجهك يتهلل؟ فقال: ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، أما الأخرى فكان قلبي للمسلمين سليما) (2).
- وقال ابن حجر الهيتمي: (الحسد من نتائج الحقد، والحقد من نتائج الغضب كانت بمنزلة خصلة واحدة)
- وقال أبو حاتم: (الحقد أصل الشر ومن أضمر الشر في قلبه أنبت له نباتا مرا مذاقه نماؤه الغيظ وثمرته الندم) (3).
- و (كان يقال: الحقد داء دوي. ويقال: من كثر حقده، دوي قلبه. ويقال: الحقد مفتاح كل شر. ويقال: حل عقد الحقد، ينتظم لك عقد الود. ويقال: الحقود والحسود لا يسودان) (4).

(1) ((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (1/ 136).
(2) رواه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (3/ 557)، وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ص95).
(3) ((روضة العقلاء)) لابن حبان البستي (ص 134).
(4) ((اللطائف والظرائف)) للثعالبي (ص 140).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حكم الحقد
ذكر العلماء أن الحقد من الكبائر وأورد ابن حجر الهيتمي في كتابه (الزواجر) أن من الكبائر الغضب بالباطل والحقد والحسد وذكر سبب جمعه لهذه الكبائر الثلاث بقوله: (لما كانت هذه الثلاثة بينها تلازم وترتب، إذ الحسد من نتائج الحقد، والحقد من نتائج الغضب كانت بمنزلة خصلة واحدة، وذم كل يستلزم ذم الآخر، لأن ذم الفرع وفرعه يستلزم ذم الأصل وأصله وبالعكس) (1).

(1) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر (1/ 83).

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
آثار ومضار الحقد
1 - (الحقد يثمر الحسد وهو أن يحملك الحقد على أن تتمنى زوال النعمة عنه فتغتم بنعمة إن أصابها وتسر بمصيبة إن نزلت به.
2 - الشماتة بما أصابه من البلاء.
3 - الهجران والمقاطعة.
4 - الإعراض عنه استصغارا له.
5 - التكلم فيه بما لا يحل من كذب وغيبة وإفشاء سر وهتك ستر وغيره.
6 - محاكاته استهزاء به وسخرية منه.
7 - إيذاؤه بالضرب وما يؤلم بدنه.
8 - منعه من حقه من قضاء دين أو صلة رحم أو رد مظلمة) (1).
9 - الحقد من مظاهر دنو الهمة فهو لا يصدر من النبلاء، ولا يليق بالعقلاء (2).
10 - الحقد ينبت سوء الظن، وتتبع العورات، والهمز واللمز، والغيبة والنميمة.
11 - ومن مضار الحقد أيضاً أنه يقتضي التشفي والانتقام.
12 - جحد الحق وعدم اتباعه.

(1) انظر ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 181).
(2) ((الهمة العالية)) لمحمد بن إبراهيم الحمد (ص 55).

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وسائل علاج الحقد
1 - الدعاء:
المسلم يدعو الله أن يجعل قلبه طاهرا نقياً من الحقد والغل قال تعالى:
وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر: 10].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول: ((رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر الهدي لي، وانصرني على من بغى علي، رب اجعلني لك شاكرا، لك ذاكرا، لك راهبا، لك مطواعا، إليك مخبتاً أو منيباً، تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة قلبي)) (1). والسخيمة هي الحقد.
2 - سلامة الصدر:
وسلامة الصدر تكون بعدم الحقد والغل والبغضاء، فعن الزبير بن العوام رضي الله عنه، قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((دب إليكم داء الأُمم قبلكم: إلى ... والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة، حالقة الدين لا حالقة الشعر، والذي نفسُ محمدٍ بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا، أفلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؛ أفشوا السلام بينكم)) (2).
وعن ابن عباس مرفوعاً قال: ((ثلاثٌ من لم يكن فيه فإن الله يغفر له ما سوى ذلك: من مات لا يُشرك بالله شيئاً، وَلم يكن ساحراً يتبع السحرة، ولم يحقد على أخيه)) (3).
3 - رابط الأخوة الإيمانية:
إن الأخوة الإيمانية والغل لا يجتمعان في قلب واحد، إن عاطفة المؤمن نحو إخوانه المؤمنين تتدفق بالمحبة، فكيف يجد الغل إلى هذه العاطفة الكريمة سبيلا؟! إنهما أمران لا يجتمعان (4).
قال تعالى: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر: 7 - 9].
4 - التواضع:
لا شك أن تواضع المسلم لأخيه المسلم يدفع بالأغلال والأحقاد، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد)) (5).
وقال أبو حاتم: (التواضع يكسب السلامة ويورث الألفة ويرفع الحقد ويذهب الصد) (6).
5 - ملء القلب بالمحبة وإرادة الخير للآخرين.
6 - اعتذار المرء لأخيه:

(1) رواه أبو داود (1510)، والترمذي (3551)، وابن ماجه (3830) من حديث ابن عباس رضي الله عنه. قال: حسن صحيح. وصححه البغوي في ((شرح السنة)) (5/ 176)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (3485).
(2) رواه الترمذي (2510)، وأحمد (1/ 164) (1412)، والبزار (6/ 192) من حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه. وجود إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (4382)، وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (4170).
(3) رواه البخاري في ((الأدب المفرد)) (413)، والطبراني في ((الكبير)) (12/ 243)، والبيهقي في ((الشعب)) (9/ 14) (6190). قال الهيثمي في ((المجمع)) (1/ 107): فيه ليث بن أبي سليم. وضعفه الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (2831).
(4) ((الأخلاق الإسلامية)) لعبد الرحمن الميداني (1/ 725).
(5) رواه مسلم (2865).
(6) ((روضة العقلاء)) لابن حبان البستي (ص 61).


،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
قال أبو حاتم: (الاعتذار يذهب الهموم ويجلي الأحزان ويدفع الحقد ويذهب الصد ... فلو لم يكن في اعتذار المرء إلى أخيه خصلة تحمد إلا نفي التعجب عن النفس في الحال لكان الواجب على العاقل أن لا يفارقه الاعتذار عند كل زلة) (1).
7 - تقديم الهدية:
قال صلى الله عليه وسلم: ((تهادوا تحابوا)) (2). وقال أيضاً ((تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر)) (3).
(وذلك لأن الهدية خلق من أخلاق الإسلام دلت عليه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وحث عليه خلفاؤهم الأولياء تؤلف القلوب وتنفي سخائم الصدور) (4).
8 - ترك الغضب الذي هو سبب للأحقاد:
الغضب يعتبر من الأسباب التي تؤدي إلى الحقد، فإذا اختلف شخص مع آخر في أمر ما غضب عليه، ثم الغضب يتحول إلى الحقد وإرادة الانتقام.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: للرجل الذي أمره أن يوصيه: ((لا تغضب فردد مرارا، قال: لا تغضب)) (5).

(1) ((روضة العقلاء)) لابن حبان البستي (ص 186).
(2) رواه البخاري في ((الأدب المفرد)) (1322)، وأبو يعلى (11/ 9) (6148)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (6/ 280) (11946) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وجوّد سنده العراقي في ((تخريج الإحياء)) (ص478)، وحسن سنده ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (3/ 163) (1315).
(3) رواه البخاري في ((الأدب المفرد)) (1322)، وأبو يعلى (11/ 9) (6148)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (6/ 280) (11946) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وجوّد سنده العراقي في ((تخريج الإحياء)) (ص478)، وحسن سنده ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (3/ 163) (1315).
(4) ((شرح الزرقاني على الموطأ)) لمحمد بن عبد الباقي الزرقاني (4/ 418).
(5) رواه البخاري (6116).

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أسباب الحقد
1 - المماراة والمنافسة:
قال الغزالي: (وأشد الأسباب لإثارة نار الحقد بين الإخوان المماراة والمنافسة فإنها عين التدابر والتقاطع فإن التقاطع يقع أولا بالآراء ثم بالأقوال ثم بالأبدان) (1).
2 - المزاح:
المزاح الذي يخرج عن حده يغرس الحقد في القلوب، قال الأبشيهي: (المزاح يخرق الهيبة ويذهب بماء الوجه ويعقب الحقد ويذهب بحلاوة الإيمان والود) (2).
3 - الخصومة:
قال النووي: (والخصومةُ تُوغرُ الصدورَ، وتهيجُ الغضبَ، وإذا هاجَ الغضبُ حصلَ الحقدُ بينهما، حتى يفرح كل واحد بمساءةِ الآخر، ويحزنُ بمسرّته، ويُطلق اللسانَ في عرضه) (3).
4 - الكراهية الشديدة إلى حد البغض العنيف.
5 - الرغبة بالانتقام وبإنزال السوء بمن يكرهه الحاقد (4).
6 - إذا فاته الشخص ما يتمناه لنفسه وحصل عليه غيره:
قال محمد الغزالي: (المسلم يجب أن يكون أوسع فكرة، وأكرم عاطفة، فينظر إلى الأمور من خلال الصالح العام، لا من خلال شهواته الخاصة.
وجمهور الحاقدين تغلي مراجل الحقد في أنفسهم، لأنهم ينظرون إلى الدنيا فيجدون ما يتمنونه لأنفسهم قد فاتهم، وامتلأت به أكف أخرى، وهذه هي الطامة التي لا تدع لهم قراراً!!
وقديماً رأى إبليس أن الحظوة التي يتشهاها قد ذهبت إلى آدم، فآل ألا يترك أحداً يستمتع بها بعد ما حرمها. قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ [الأعراف: 15 - 16].
هذا الغليان الشيطاني هو الذي يضطرم في نفوس الحاقدين ويفسد قلوبهم. وقد أهاب الإسلام بالناس أن يبتعدوا عن هذا المنكر، وأن يسلكوا في الحياة نهجاً أرقى وأهدأ) (5).

(1) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (2/ 179).
(2) ((المستطرف)) للأبشيهي (ص 133).
(3) ((الأذكار)) للنووي (ص 371).
(4) ((الأخلاق الإسلامية)) لعبد الرحمن الميداني (1/ 723).
(5) ((خلق المسلم)) لمحمد الغزالي (ص 80).


،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
سلامة القلب من الأحقاد
القلب السليم سبب من أسباب النجاة يوم القيامة قال الله تعالى حكاية عن إبراهيم: وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء: 87 - 89] والقلب السليم هو الذي سلم من الشرك والنفاق، ومن الغل والحقد والحسد.
ووصف أهل الجنة بسلامة القلب فقال: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ [الحجر: 47] و (ليس أروح للمرء، ولا أطرد لهمومه، ولا أقر لعينه من أن يعيش سليم القلب، مبرأ من وساوس الضغينة، وثوران الأحقاد، إذا رأى نعمة تنساق لأحد رضي بها، وأحس فضل الله فيها، وفقر عباده إليها، وذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر)) (1).
وإذا رأى أذى يلحق أحدا من خلق الله رثى له، ورجا الله أن يفرج كربه ويغفر ذنبه ... وبذلك يحيا المسلم ناصع الصفحة، راضيا عن الله وعن الحياة، مستريح النفس من نزعات الحقد الأعمى، فإن فساد القلب بالضغائن داء عياء، وما أسرع أن يتسرب الإيمان من القلب المغشوش، كما يتسرب السائل من الإناء المثلوم! ...
والإسلام يحارب الأحقاد ويقتل جرثومتها في المهد، ويرتقي بالمجتمع المؤمن إلى مستوى رفيع من الصداقات المتبادلة أو المعاملات العادلة، وقد اعتبر الإسلام من دلائل الصغار وخسة الطبيعة، أن يرسب الغل في أعماق النفس فلا يخرج منه، بل يظل يموج في جوانبها كما يموج البركان المكتوم، وكثير من أولئك الذين يحتبس الغل في أفئدتهم، يتلمسون متنفساً له في وجوه من يقع معهم، فلا يستريحون إلا إذا أرغوا وأزبدوا، وآذوا وأفسدوا.) (2).

(1) رواه أبو داود (5073)، النسائي في ((السنن الكبرى)) (9/ 8) (9750)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (6/ 211) (4059). وجوّد إسناده النووي في ((الأذكار)) (ص79)، وحسنه ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (3/ 245)، وضعفه الألباني في ((ضعيف الجامع)) (5730).
(2) ((خلق المسلم)) لمحمد الغزالي (ص 74 - 77) بتصرف يسير.

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
نماذج في سلامة القلب من الحقد
النبي صلى الله عليه وسلم القدوة في الأخلاق الحسنة ومنها سلامة الصدر من الحقد والضغائن، وقد ذكر ابن القيم سلامة الصَّدر، من منازل إياك نعبد وإياك نستعين فقال: (ومن أراد فهم هذه الدرجة كما ينبغي فلينظرْ إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع الناس يجدها بعينها) (1).
وقد قال صلى الله عليه وسلم ((لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر)) (2).
وهكذا كان أصحاب رسول لله قلوبهم سليمة من الأحقاد والضغائن ومن تلك النماذج ما رواه أبو الدرداء رضي الله عنه، قال: ((كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما صاحبكم فقد غامر فسلم وقال: إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء، فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي فأبى علي، فأقبلت إليك، فقال: يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثا، ثم إن عمر ندم، فأتى منزل أبي بكر، فسأل: أثم أبو بكر؟ فقالوا: لا فأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم، فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعر، حتى أشفق أبو بكر، فجثا على ركبتيه، فقال: يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم، مرتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت، وقال أبو بكر صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي مرتين، فما أوذي بعدها)) (3).
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لعمران بن طلحة بن عبيد الله بعد وقعة الجمل - وقد استشهد أبوه طلحة رضي الله عنه- قال له: (إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك ممن قال فيهم: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ [الحجر: 47]) (4).
وعن عائذ بن عمرو، ((أن أبا سفيان، أتى على سلمان، وصهيب، وبلال في نفر، فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها، قال فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: يا أبا بكر لعلك أغضبتهم، لئن كنت أغضبتهم، لقد أغضبت ربك فأتاهم أبو بكر فقال: يا إخوتاه أغضبتكم؟ قالوا: لا يغفر الله لك يا أخي)) (5).
وقد تأسى العلماء الربانيون بالنبي صلى الله عليه وسلم فتخلقوا بأخلاقه فأصبحت قلوبهم سليمة لا تحمل حقداً على أحد حتى على من آذاهم ومن هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول ابن القيم: (وما رأيت أحدا قط أجمع لهذه الخصال من شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه وكان بعض أصحابه الأكابر يقول: وددت أني لأصحابي مثله لأعدائه وخصومه وما رأيته يدعو على أحد منهم قط وكان يدعو لهم وجئت يوما مبشرا له بموت أكبر أعدائه وأشدهم عداوة وأذى له فنهرني وتنكر لي واسترجع ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزاهم وقال: إني لكم مكانه ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه ونحو هذا من الكلام فسروا به ودعوا له وعظموا هذه الحال منه) (6).

(1) ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/ 345).
(2) رواه أبو داود (4860)، والترمذي (3896)، وأحمد (1/ 395) (3759). قال الترمذي: غريب من هذا الوجه. وضعفه الألباني في ((ضعيف الجامع)) (6322).
(3) رواه البخاري (3661).
(4) رواه الحاكم (3/ 424)، وأحمد في ((فضائل الصحابة)) (2/ 747) (1298)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (8/ 300) (16715). وضعف إسناده البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (7/ 194) (6658).
(5) رواه مسلم (2504).
(6) ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/ 345).


،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أحوال المحقود
قال الغزالي: (للمحقود ثلاثة أحوال عند القدرة:
أحدها: أن يستوفي حقه الذي يستحقه من غير زيادة أو نقصان وهو العدل.
الثاني: أن يحسن إليه بالعفو والصلة وذلك هو الفضل.
الثالث: أن يظلمه بما لا يستحقه وذلك هو الجور وهو اختيار الأراذل، والثاني هو اختيار الصديقين، والأول هو منتهى درجات الصالحين) (1).

(1) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 181).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
حكم وأمثال في الحقد
1 - أحقد من جمل
العرب تصف الْبَعِير بالحقد وغلظة الكبد (1).
2 - ظاهر العتاب خير من باطن الحقد (2).
3 - ويقال: ثلاثة لا يهنأ لصاحبها عيش. الحقد والحسد وسوء الخلق (3).

(1) ((المستقصى من أمثال العرب)) للجاحظ (1/ 69).
(2) ((المستطرف)) للأبشيهي (ص 37).
(3) ((المستطرف)) للأبشيهي ص 221).


،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الشعر في ذم الحقد ..
الحقد داء دفين ليس يحمله ... إلا جهول مليء النفس بالعلل
مالي وللحقد يشقيني وأحمله ... إني إذن لغبي فاقد الحيل
سلامة الصدر أهنأ لي وأرحب لي ... ومركب المجد أحلى لي من الزلل
إن نمت نمت قرير العين ناعمها ... وإن صحوت فوجه السعد يبسم لي
وأمتطي لمراقي المجد مركبتي ... لا حقد يوهن من سعيي ومن عملي
مبرَأ القلب من حقد يبطئني ... أما الحقود ففي بؤس وفي خطل
وقال محمد بن مقيس الأزدي:
فإن الذي بيني وبين عشيرتي ... وبين بني عمي لمختلف جدا
إذا قدحوا لي نار حرب بزندهم ... قدحت لهم في كل مكرمة زندا
وإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم ... وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
ولا أحمل الحقد القديم عليهم ... وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
وأعطيهم مالي إذا كنت واجدا ... وإن قل مالي لم أكلفهم رفدا (1)
وقال هلال بن العلاء: (جعلت على نفسي ألا أكافئ أحدا بشر ولا عقوق اقتداء بهذه الأبيات:
لما عفوت ولم أحقد على أحد ... أرحت نفسي من غم العداوات
إني أحيي عدوي حين رؤيته ... لأدفع الشر عني بالتحيات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه ... كأنه قد حشى قلبي مسرات
وأنشد أحمد بن عبيد عن المدائني:
ومن لم يغمض عينه عن صديقه ... وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
ومن يتتبع جاهدا كل عثرة ... يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب) (2)
وقال عنترة:
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب ... ولا ينال العلا من طبعه الغضب
وقال ابن الرومي:
(وما الحقد إلا توأم الشكر في الفتى ... وبعض السجايا ينسبن إلى بعض
فحيث ترى حقدا على ذي إساءة ... فثم ترى شكرا على حسن القرض
إذا الأرض أدت ريع ما أنت زارع ... من البذر فيها فهي ناهيك من أرض) (3) ...

(1) ((روضة العقلاء)) لابن حبان البستي (ص 171).
(2) ((آداب العشرة)) لمحمد الغزي (ص 26).
(3) ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص 208).