الجمعة، 8 مارس 2013

الموسوعة الكبرى للفتاوى : حكم من قال زوجتى طالق ان شربت الخمر ثم شربها

طلاق

المفتي
محمد بخيت .
جمادى الأولى 1338 هجرية - 22 من يناير 1920 م

المبادئ
قوله على الطلاق .
أو الطلاق يلزمنى . لا يقع به الطلاق فى مثل ذلك إلا بشرطين .
الأول أن يذكر المحلوف عليه . الثانى أن يضاف الطلاق إلى ما يعبر به عن المرأة بطريق الحقيقة أو بطريق المجاز .
كأن يقول مخاطبا لزوجته . طلاقك يلزمنى لا أفعل كذا .
أو على طلاقك لا أفعل كذا . ونحو ذلك مما فيه إضافة الطلاق إلى ما يعبر به عن المرأة بطريق الحقيقة أو بطريق المجاز

السؤال
من م ع وزوجته السيدة ع الحاضر عنها م أ ب فى تقديم الطلب بما صورته ما قولكم دام فضلكم فى رجل تشاجر مع أهل زوجته لاتهامهم إياه بشرب الخمر فاحضروا له عالما لأجل أن يحلفه طلاقا ثلاثا على أنه لا يشرب الخمر فصار العالم يلقنه كلمة بعد كلمة وهو يحكى ألفاظه التى يلقنها له فقال له العالم قل على الطلاق فقالها ثم قاله له قل بالثلاثة فقالها ثم قال له شافعى وحنفى ومالكى فقالها ثم قال له لا أشرب الخمر فقالها ثم قال له ولا سطل فقالها ثم قال له ولا جميع المغيبات فقالها وذلك كله بدون أن يرد اسم الزوجة بالمجلس لا من الزوج ولا من أهل الزوجة وقد شرب الخمر بعد ذلك فهل يقع اليمين أو لا .
أفيدوا بالجواب ولكم الثواب

الجواب
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن العلامة أبا السعود مفتى الروم أفتى بأن (على الطلاق، ويلزمنى الطلاق .
ليس بصريح ولا كناية كما نقله عنه ابن عابدين بصحيفة 668 جزء ثان طبعة أميرية سنة 1286 هجرية وعلى ذلك لا يكون هذا اللفظ من الصيغ التى يقع بها الطلاق أصلا وذلك لأن الشرط إضافة الطلاق إلى المرأة أو إلى ما يعبر به عنها والمراد بالإضافة إليها الإضافة إلى ما يعبر به عن جملتها وضعا، والمراد بالإضافة إلى ما يعبر به عنها الإضافة إلى ما يعبر به عن الجملة بطريق التجوز وإلا فالكل معبر به عن الجملة كما صرح بذلك ابن عابدين نفسه بصحيفة 672 من الجزء المذكور ومن ذلك يعلم أنه لابد من وقوع الطلاق من إضافته إلى ما يعبر به عن جملة المرأة بطريق الوضع أى الحقيقة كأنت طالق أو هى طالق أو هذه طالق أو فلانة طالق ونحو ذلك أو بطريق المجاز كرقبتك طالق أو عنقك طالق ونحوهما .
ومن ذلك يعلم أنه لابد من اشتمال صيغة الطلاق على لفظ يعبر به عن المرأة بطريق الحقيقة أو المجاز ولذلك قال العلامة أبو السعود إن على الطلاق أو يلزمنى الطلاق ليس بصريح ولا كناية أى أنه ليس من صيغ الطلاق أصلا لعدم الإضافة وأما ما قاله ابن عابدين بصحيفة 668 تعليلا لما أفتى به العلامة أبو السعود من أن على الطلاق أو يلزمنى الطلاق ليس بصريح ولا كناية بقوله (أى لأنه لم يتعارف فى زمنه إلخ) فقد رده الشيخ الرافعى فى تقريره بصحيفة 214 جزء أول بقوله عدم التعارف فى زمنه إنما ينفى كونه صريحا ولا ينفى كونه كناية فلا يظهر نفى كونه كناية فى زمنه انتهى - أى أن العلامة أبا السعود كما نفى كون اللفظ المذكور صريحا نفى كونه كناية فلا يصح تعليله بعدم العرف فى زمنه لأن التعارف إنما يصير ما كان كناية قبل العرف صريحا بعد العرف ولا يمكن أن التعارف يجعل ما ليس من صيغ الطلاق صريحا ولا كناية من صيغه حتى لو تعارفوا إيقاع الطلاق بلفظ اسقنى الماء لا يقع عندنا لأنه لا يحتمل الطلاق .
وصيغ الطلاق محصورة عندنا فيما يكون من مادة التطليق .
وفيما يحتمل التطليق وغيره . وهى ألفاظ الكنايات وأما ما ليس صريحا ولا كناية فلا يقع به الطلاق أصلا ولو تعارفوا الإيقاع به عندنا .
وأما ما نقله ابن عابدين عن صاحب التنوير فى منحه وعن العلامة قاسم وعن ابن الهمام وغيرهم ممن نقل عنهم بصحيفة 668 من الوقوع فكل ذلك محمول على ما إذا وجدت الإضافة إلى المرأة على وجه ما تقدم .
لأن غرض هؤلاء الأئمة أن هذه الألفاظ عند ذكر المحلوف عليه قد تعورف استعمالها فى التعليق وإن كان بحسب أصل وضعها ليست من صيغ التعليق لعدم وجود حرف من حروف الشرط اللغوية فتحمل على التعليق عملا بالعرف وهذا لا ينافى أنها حينئذ تكون كغيرها من صيغ التعليق لابد فيها من الإضافة إلى ما يعبر به عن المرأة حقيقة أو مجازا .
فيتعين أن الجمع بين ما أفتى به أبو السعود من عدم الوقوع فى مثل تلك الألفاظ وما أفتى به غيره من الوقوع هو أن ما أفتى به أبو السعود بعدم الوقوع محمول على ما إذا لم توجد الإضافة إلى المرأة لا بطريق الحقيقة ولا بطريق المجاز وما قاله غيره من الوقوع فى مثل ذلك محمول على ما إذا ذكر المحلوف عليه ووجدت فى الإضافة إلى ما يعبر به عن المرأة بطريق الحقيقة أو بطريق المجاز لاتفاقهم على أنه لابد من إضافة صيغة الطلاق إلى ما يعبر به عن المرأة بطريق الحقيقة أو بطريق المجاز كما أنه لابد فى مثل هذه الصيغ مثل على الطلاق .
أو الطلاق يلزمنى من ذكر المحلوف عليه كأن يقول الطلاق يلزمنى ما أفعل كذا أو على الطلاق لا أفعل كذا ويدل لذلك ما نقله ابن عابدين نفسه بصحيفة 669 من الجزء المذكور عن الحاوى عن أبى الحسن الكرخى فإنه مع ذكر المحلوف عليه قد أضاف صيغة العتق إلى عبده وبين أنه بعد ذلك قد تعارفوه شرطا فى لسانهم وقال جرى أمرهم على الشرط على تعارفهم والحاصل أن قوله على الطلاق أو الطلاق يلزمنى لا يقع به الطلاق فى مثل ذلك إلا بشرطين الأول أن يذكر المحلوف عليه .
الثانى أن يضاف الطلاق إلى ما يعبر به عن المرأة بطريق الحقيقة أو بطريق المجاز كأن يقول مخاطبا لزوجته .
طلاقك يلزمنى لا أفعل كذا .
أو على طلاقك لا أفعل كذا ونحو ذلك مما فيه إضافة الطلاق إلى ما يعبر به عن المرأة بطريق الحقيقة أو بطريق المجاز .
ومن ذلك كله يعلم أن ما وقع من الحالف المذكور لم يكن صيغة من صيغ الطلاق فلا يقع بها شىء ولو وجد المحلوف عليه على ما جرى عليه العلامة أبو السعود وهو الموافق لقواعد المذهب لعدم الإضافة كما ذكرنا وكذلك لا يقع شىء أصلا لا واحدة ولا ثلاثا على ما جرى عليه العلامة ابن عابدين من أن نحو على الطلاق صيغة من صيغ الطلاق أما عدم وقوع الثلاث فلوجود الفصل بما ذكر بين قوله على الطلاق وقوله بالثلاثة وأما عدم وقوع طلقة واحدة فلوجود الفاصل أيضا بما ذكر بين قوله على الطلاق الذى هو شرط وبين قوله لا أشرب الخمر الذى هو الجزاء المحلوف عليه وقد صرح فقهاؤنا بأن شرط الوقوع بالعدد أن يتصل بصيغة الطلاق بلا فاصل اختيارى وبأن شرط تعلق الجزاء بالشرط اتصال الجزاء بالشرط بدون فاصل أجنبى فبهذا تبين أن الحالف المذكور لو شرب الخمر والعياذ باللّه تعالى لا يقع عليه طلاق أصلا بهذا الحلف وإتفاقا واللّه أعلم