الصفحات

الثلاثاء، 4 مارس 2014

قسم المقالات : وجه العالم القبيح بقلم دكتور مصطفى محمود


وجه العالم القبيح
   
بقلم د مصطفى محمود

العالم الذي نعيش فيه له وجه ظاهر جميل تتألق فيه العلوم والفنون وأحلام العدالة وحقوق الإنسان ووجه آخر قبيح سفلي تسكنه الشهوات والأطماع والمظالم والأحقاد والشرور‏.‏
وقد تجد في عالمنا العجيب من يستعمل الوجهين ويتقمص الأسلوبين ويتكلم باللسانين فهو ملاك حينما يحتاج الموقف الي الملائكية وشيطان مريد حينما تكون الشيطنة أربح وأكسب وحينما يكون الشر أكثر فائدة‏.‏
ولا يستطيع شارون الزعيم الاسرائيلي إلا أن يكون شيطانا مهما اتسعت ابتسامته‏.‏
ولكن السياسي الضليع بيريز يستطيع ان يتقن اللغتين بتفوق ولا تعرف اذا جالسته هل هو يستدرجك إلي حفرة أو يمد اليك بطوق نجاة‏...‏ ومزالق مدريد وأكاذيب أوسلو وحواري كوبنهاجن خير دليل علي حيله ومهاراته‏.‏
وإسرائيل سوف تصنع لنفسها بهذا الخداع المستمر جحيما سوف يلفح وجه العالم كله‏,‏ ولن تخرج بالانتصار الذي تحلم به أبدا بل سوف تنتهي إلي هزيمة منكرة وعار وخزي سوف يصحبها إلي الأبد‏.‏
إنها الآن تهدم البيوت علي رؤوس سكانها بالصواريخ وتسوي المدن العامرة بالأرض وتحرق الأخضر واليابس وتقتل الطفل والعجوز والأرملة وتسرق المياه من تحت أرض الضفة وتقوم بتجريف التربة الخصبة وتنقلها إلي حقولها وتنسف الأمل والحياة والمستقبل لأمة برمتها وتقوم بعملية إزالة كاملة لقري بأسرها‏....‏
وتصنع ما لم يصنعه نيرون وكاليجولا وهتلر‏...‏ من مذابح وكوارث ومآسي‏...‏ علي ملأ وعلي مشهد من الدنيا كلها‏...‏ وأمام عدسات التليفزيون وكاميرات الأخبار جهارا نهارا‏...‏ في تبجح وإجرام وشراسة لا مثيل لها في التاريخ استعراض للكراهية والحقد والمقت والوحشية والنذالة‏...‏
وتفوق في الاجرام لم تعرفه البشرية من أيام بابل الزانية إسرائيل الآن تنتحر هي والأمريكي القبيح الذي يساندها‏...‏ وهي فضيحة لنفسها ولشريكها الأمريكي‏...‏
كيف تفتح فمها بعد ذلك وتتكلم عن الهولوكوست‏...‏ وكيف تتسول العطف من الشارع الأوروبي‏...‏ وكيف تشكو الاضطهاد والدم يسيل من شدقيها إنها هي ذاتها أصبحت وجه العالم القبيح‏..‏ وعورة الإنسانية المخجلة‏...‏ ووصمة النظام الامريكي العالمي الجديد‏..‏ والكلب العقور الذي يعوي خلف صاحبه بوش لإخافة العرب‏....‏ ولن يخافها العرب بل هي التي سوف يزداد رعبها مع كل قنبلة تلقيها عليهم‏.‏
إن صناعة الخراب ليست مجدا ولن تكون
وما يبني علي الخراب مآله الخراب
وعلي شارون أن ينتظر زنزانة إلي جوار ميلوسوفيتش حينما يتغير اتجاه الريح‏.‏
والجبارون اذا طال بهم الأجل يلحق بهم حساب الدنيا قبل حساب الآخرة وللدنيا صاحب غير أمريكا ومالك مهيمن عادل منتقم غير بوش وقد يؤجل الله انتقامه إلي الآخرة‏,‏ وقد يعجل به في الدنيا‏.‏
إن عذاب ربهم غير مأمون
وقد سمي الله قوم عاد في قرآنه‏...‏ عادا الأولي‏...‏ إشارة إلي عاد ثانية تأتي في آخر الزمان هي أمريكا يلحق بها ما لحق بهم من دمار وهوان‏..‏ هل فكرت إسرئيل فيما سيجري عليها اذا ابتلع الذراع الأمريكية زلزال أو خسف ارضي‏,‏ وتحول شارون الهائل إلي بعوضة تطن رعبا أن الدنيا لا تبقي علي حال‏,‏ وأين خزائن قارون وأين فتوحات الاسكندر وأين أمجاد الفرس وعظمة الرومان؟‏..‏ يد الزمان مشت علي كل هذا فأحالته إلي خرائب وآثار‏...‏ العظماء حقا تركوا سيرا تروي‏,‏ أما الأوغاد فشيعتهم اللعنات وبصق عليهم التاريخ‏.‏
ان الأرض تغرق في المظالم وتغوص في الاوحال ويحكمها التجار والمستغلون والقتلة‏.‏
تجارة العبيد تعود في القرن العشرين‏,‏ وفي عصر التشدق بحقوق الإنسان‏,‏ والأطفال يخطفون من نيجيريا وتوجو ومالي والجابون وبنين وساحل العاج وأواسط أفريقيا ويباعون عبيدا لأعمال السخرة في الحقول ومزارع الكاكاو‏,‏ وتحصل العائلات الفقيرة علي ثلاثمائة دولار للطفل الواحد‏,‏ والمخطوفون من الأطفال يباعون لأصحاب المصانع والمزارع من المستعمرين الأوروبيين بأسعار اقل‏.‏
وبوكاسا الزعيم الافريقي السابق كان يتحفظ في ثلاجته بكلاوي وكبد أطفال مثلجة يتعشي بها مع النبيذ الفاخر وأنواع المزة المختلفة المستوردة من باريس‏,‏ اما الأطفال الذين يباعون الآن لتبتر اعضاؤهم وتستعمل في جراحات زراعة الاعضاء‏....‏ فهم موضوع آخر وفضيحة أخري وتجارة جديدة رائجة في عصر حقوق الإنسان‏,‏ وفي سوق العلم المزيف والتقدم الكاذب‏.‏
والثورات والانقلابات ظلت تحصد الكونغو وشعبها البائس من أيام موبوتو سيسيكو وعصابته‏..‏ بسبب أطماع الكل في مناجم الألماس هناك‏.‏
وإسرائيل لها سفارة نشيطة في الكونغو‏....‏ وأكبر الخبراء في قطع الماس وتشكيله وتجارته هم من اليهود‏..‏ وبلجيكا وفرنسا وأمريكا وإنجلترا وإسرائيل وراء ما يجري من إنقلابات في الكونغو من أيام موبوتو إلي أيام كابيلا إلي ساعتنا هذه‏.‏
أما ظهور البترول في السودان فكان مفاجأة أخري حركت التآمر والقلاقل والحروب الأهلية والثورات التي تعصف بهذا القطر البائس‏,‏ والنفط الآن هو العملة الجديدة التي يتقاتل عليها الكل‏...‏ وحيثما يظهر النفط يتكاثر عليه اللصوص‏...‏ والنفط في بحر قزوين الآن حكاية‏...‏ وحروب الروس والشيشان والخلاف المتنامي بين الذئاب الآسيوية‏..‏ كازاخستان واذربيجان وتتنرستان وأرمينيا وتركيا وروسيا وايران وأمريكا علي رأسهم جميعا‏...‏ الكل يجري وراء إمتلاك آبار النفط هناك‏...‏ وكل دولة تحاول أن تسبق الأخري لتلهف شفطة من الكنز‏...‏ والنفط هو الطاقة‏....‏ ولا نشاط في السلم ولا قدرة علي حرب بدون طاقة‏.‏
وأرخص طاقة هي البترول‏....‏ ولهذا يتعارك عليه الكل
الطمع يحرك الجميع‏...‏ الكل يتقاتل كالكلاب العاوية
وأمريكا عندها بترولها‏...‏ ولكنها تريد أن تضع يدها علي مخزون المستقبل كله‏.‏
وأمريكا هي راعية حقوق الإنسان وحقوق الملكية الفكرية وحقوق الشواذ في الزواج بمن يشاؤون رجالا برجال ونساء بنساء‏...‏ وهي تحاول أن تكون المفتي الوحيد في كل المشكلات والسلطة الكبري في كل الخلافات‏.‏
وأسأل أمريكا عن حق الفلسطيني في أرضه وحقه في البيت الذي يسكنه والهواء الذي يتنفسه وحقه في أن يصلي في القدس بدون عسكر يحملون البنادق من خلفه‏...‏ وأن يسجد علي أرض القدس‏,‏ ويطلب الرحمة من الرب الذي خلقه بدون صواريخ شارون وقنابل باراك‏.‏
وأمريكا التي استولت علي كل الحقوق‏...‏ وتزعمت عالما بائسا بلا حقوق‏...‏ متي تتنازل لهؤلاء الفقراء عن بعض الحقوق‏...‏ ومتي تكف عن هذا الفلسطيني بطش كلابها العاوية‏.‏
فإذا لم تفعل فإن رب العالمين الذي يسمع ويري والذي يحكم الدنيا من فوق سبع سماوات سوف ينزل بها عقابه‏..‏ ويرينا فيها عدله وحسابه‏.‏
والهيود يعلمون بأن القرآن حق وأن محمدا عليه الصلاة والسلام هو نبي الحق‏,‏ وأن اسمه عندهم في التوراة الأصلية التي يخفونها‏..‏ وأن وعد الآخرة المذكور في خواتيم الإسراء حق‏...‏ ولكنهم يعاندون لأنهم أهل غلظة وفظاظة وعناد‏...‏ وذلك طبعهم ودأبهم‏...‏ منذ الأزل‏...‏ ومنذ أن كان لهم تاريخ‏..‏ وقد جاهروا بأنهم يحاربون الله ورسوله‏...‏ ومن قبل ذلك قالوا لموسي بعد أن عبر بهم البحر وانقذهم من ظلم الفرعون ورأوا غرق الفرعون بأعينهم‏..‏ قالوا له حينما رأوا عابدي الأصنام عاكفين علي عبادة آلهتهم‏..‏ إجعل لنا إلها كما لهم آلهة‏...‏
وأقم لنا صنما كما لهم‏..‏ وعادوا إلي كفرهم بعدما رأوا الآيات الخارقة رأي العين‏,‏ وهذا حالهم وهذا دأبهم الكفر والعناد‏...‏ واللدد‏..‏ والخصومة‏...‏ والعداوة هكذا كانوا
وهكذا يكونون لا يختلف صغيرهم عن كبيرهم‏...‏



انهم يتعجلون الدنيا ويريدون ان يأخذوا خيرها لأنهم لا يؤمنون بالآخرة ولا يضمنوا فيها نصيبا‏..‏ وتوراتهم التي من ألف صفحة ليس فيها صفحة واحدة عن البعث والحساب‏...‏ لقد شطبوا منها كل ما جاء عن الجنة والنار والثواب والعقاب واعادوا كتابتها علي مزاجهم‏...‏ كما أعادوا طبع الاناجيل علي هواهم‏...‏ ولا نبي عندهم فوق موسي ولا نبي بعده‏..‏ والنار هي الهولوكوست‏...‏ والشيطان هو هتلر والكفر هو النازية‏...‏ وهم الضحايا الوحيدون في التاريخ‏...‏ والقرابين من حقهم وحدهم‏...‏ وذهب المعبد كله لهم‏.‏
وهم يطبعون الآن ترجمات عبرية للقرآن يبدولون فيها كل ما جاء عن خطاياهم وجرائمهم ويضيفون ما يشاءون من مديح الله لسيرتهم وأخلاقهم وما دامت أمريكا تناصرهم‏....‏ فمن يغالبهم؟‏!!‏
لقد طبعوا خاتم النظام الجديد علي وجه الدولار من مائة سنة ومعه الهرم والعين الماسونية وعلي دولار اليوم تجد عبارة النظام العالمي الجديد مكتوبة بنصها لقد تحققت أحلامهم بكاملها وفازوا بقصب السبق‏.‏
وأمريكا الآن تحكم العالم‏...‏ والصهيونية تقودها‏..‏ والأقلية اليهودية تمسك بأعنة التاريخ لتوجهه حيث تشاء‏...‏ ماذا تبقي‏...‏؟‏!!‏
تبقي أن يسجد لهم العالم كله ولا يرتفع فيه صوت إلا صوتهم‏,‏ وهم يطلقون الرصاص ويفجرون القنابل وينسفون البيوت ويزرعون الألغام وينزلون الموت من السماء علي من يشاءون وراياتهم تعلو وكلماتهم تسود‏..‏ وقد ظنوا بأنفسهم الظنون فهم يتربعون علي كراسي القيادة بلا منازع‏...‏ والكلمة كلمتهم والأمر أمرهم‏.‏
فماذا فعلوا حينما بلغوا هذه القوة والمكانة
فعلوا كل ما كانوا ينكرونه علي غيرهم
ظلموا وقتلوا وهدموا وأبادوا وأحرقوا
وحقت عليهم الكلمة
ولم يبق إلا ان يقع عليهم القول
وغدا تنتهي السكرة‏....‏
وتبدأ العبرة
فلا شئ يبقي في الدنيا علي حالة
والزمن دوار
ويد الله تقلب الليل والنهار
واقول لهم‏...‏
انتظروا‏..‏ ولا تتعجلوا‏...‏ ولا تأخذكم العزة بقوتكم
فالأيام اغيار
والموت يصحب الحياة في كل مشوار
والشمس التي تشرق عليكم هي نفسها التي سوف تغيب عنكم والاشرار والأخيار يتبادلون المواقع بطول التاريخ‏..‏ والنصر والهزيمة تتداول الكل‏.‏
والضاحكون اليوم هم الباكون غدا‏...‏ ولم يخلق بعد الذي يضحك طول الوقت وليلكم قادم أيها الغلاظ القساة الفجرة
وسوف يطول هذه المرة حتي يقضي علي كل آمالكم
وسوف نري هزيمتكم ومذلتكم وانكساركم بنفس العين التي تري تجبركم
وظلمكم‏...‏ وساعتها لن تبكي عليكم عين‏...‏ ولن يرأف بحالكم قلب ابشروا بالنهاية الوشيكة
فما طار طير وارتفع الا كما طار وقع
وامريكا ليست استثناء لهذه القاعدة
فدوامة الزمن تدور بالكل‏...‏ والذين في الأعالي يأتي دورهم ليكونوا في الاسافل
ومن يعش منا طويلا‏..‏ سوف يضحك كثيرا واحذروا مصر‏....‏ فما فيها إلا كارة لكم حتي نخاع العظام‏....‏ ولن تجدوا فيها خائنا واحدا يصانعكم
وبيننا وبينكم قضاء الله وحده
وهو نعم الحافظ‏....‏ ونعم الوكيل‏.‏